عصر العولمة ،
يبدو أنه لم يترك مجال إلا و ضمه إلى
مجاله المغناطيسي وتأكدت بنفسي حتى النصب و الاحتيال أصبحا داخل هذا
المجال...
الاحتيال هو موجود
منذ أن خُلقت الأرض وسيبقى إلى أن تزول. لكن الذي تغير هي أساليبه و طرقه.في الماضي ، قبل العولمة ، كانت
طرق الاحتيال بدائية ، لكن في الحاضر "تعصرنة" (عصرنة) هذه الطرق...
أتذكر عندما كنت
صغيرا أزور الأسواق برفقة والدي ، كنت أرى على حواشي تلك الأسواق تجمعات بشرية ورقابهم
مشدودة إلى داخل حلبة لعبة الورق...
هذه اللعبة
صاحبها الذي يتوسط الحلقة برفقة متواطئين
معه ، هم في الحقيقة عصابة احتيال يوهمون الناس بأنه لا معرفة بينهم ، يجري من خلالها
بعثرة أورق اللعبة و كل من يكتشف الورقة الفائزة مموهة بين تلك الأوراق يعتبر فائزا و يحصل على ورقة مالية يتم تحديدها
مسبقا ...
وتبدأ اللعبة بمشاركة هؤلاء المتواطئين وفي كل مرة يحسنون اختيار
الورقة الفائزة ويحصلون بالتالي على تلك الأوراق المالية و ذلك بسبب التواطؤ
الحاصل بينهم ، كما تم ذكره آنفا...
في غمرة ذلك
الحماس ، بعض من هؤلاء الفضوليين ، وهم
يروا كيف يتم جني أموالا بدون تعب أو مشقة ، يجدون أنفسهم منخرطين في اللعبة...
ومن أساليب تلك
العصابة يتركون الشخص المشارك الربح في المرة الأولى ، لكن بعد ذلك تبدأ
الانتكاسات وهناك من يخسر كل أمواله...
وهناك من يتم سلب كل ما يملك من أشياء ثمينة في
حوزته إذا عجز على مواصلة اللعبة بسبب نفاذ ماله. وهناك من يتعرض لضرب المبرح إذا
رفض مواصلة اللعب...
في الحقيقة تذكرت
كل ذلك عندما وجدت نفسي مُشارك في لعبة ، تختلف مع لعبة الأسواق المذكورة شكلا ،
لكنها تنطبق معها مضمونا...
بدأ مشوار لعبة
بعد أن تلقيت من خلال هاتفي المحمول رسالة نصية أنه بإمكاني المشاركة في اللعبة
وهي الإجابة عن مجموعة أسئلة للحصول على هدايا من بينها سيارة. لا أعرف كيف وجدت
نفسي مشتركا في هذه اللعبة رغم أن ليس من طبعي الاهتمام بهكذا أمور...
المهم ، انسجمت مع
هذه اللعبة لأن الأسئلة كانت ثقافية ، علمية ، تاريخية ،الخ...، كنت أتسلى بها .
وفي كل اليوم تأتيني وجبة من تلك الأسئلة على أساس أنه "السؤال الأخير"
، قبل توزيع الجوائز...
لكن هذا "السؤال الأخير" ، يتكرر في كل مرة ، بمعنى لا نهاية له . قبل أن
أنتبه أن رصيد شحن هاتفي النقال كان دائما في نقصان بمبلغ مالي
في كل مرة ...
ليتبين لي أن تلك المشاركة في الإجابة على تلك الأسئلة
التي لا نهاية لها ، هي مدفوعة الثمن من
طرف المُشارك . وعلينا نتخيل عدد المشاركين في "السؤال الأخير"...
بالمختصر المفيد ،
لا أجد فرق بين طرق الاحتيال البدائية على طريقة "ألعب أربح" ، التي
كانت تُجرى على حواشي الأسواق ...
وبين "الاحتيال
المعولم" ، على وزن "السؤال الأخير" . الفرق فقط أن الأخير يوفر
عنك مشقة الذهاب و ضجيج الأسواق ...
بلقسام حمدان العربي الإدريسي
29.08.2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق