شد انتباهي تقرير متداولا على بعض وسائل
إعلام عالمية ، أصدره حديثا معهد أمريكي مختصا في سياسات الشرق الأوسط...
تقرير يصف الحملات المقاطعة لبعض المنتجات في
بعض البلدان العربية " بالديمقراطية
الالكترونية"، أو قد يكون "ربيع
عربي ثاني" ، على حسب وصف تقرير المعهد المذكور...
في الحقيقة ، انتاباني خوفا شديدا من هذا
الوصف "المبطن" ، الذي أراه يحمل
بين طياته إشارات غير بريئة تنذر شؤما على هذه الحملات الشعبية ، هدفها الأساسي سلمي
لشد الانتباه لما يُعانيه هذا المواطن من
جشع و تسلط بعض الشركات أو مصالح احتكارية...
التي تستنزف بلا هوادة قدرات الشرائية لطبقات
واسعة من المجتمعات و ترسلهم كل يوم خطوات إضافية إلى ما وراء الخطوط الخلفية
للفقر و العوز بلا رقيب و لا حسيب...
وهذا التقرير إذا كان ظاهره "بكائي"
، على ما سماه فشل بعض الحكومات العربية ،
التي سمى احدها بالاسم ، في تطبيق التغييرات الدستورية المُعلنة بعد بدء الانتفاضة
بما يُسمى "الربيع الأول " عام 2011، هو ما دفع بالمواطن إلى اخذ المبادرة بأسلوب المقاطعة...
لكن باطنيا ، على حسب تقديري ، يُراد لهذا الأسلوب الاحتجاجي السلمي أن يلقى نفس مصير بما سُمي بالربيع العربي الأول
، من خلال تضخميه وإعطاءه حجما أكبر من
أهدافه ليسهل الانقضاض عليه ...
بالخصوص أن نوع هذه التقارير تتقاطع مع
التصريحات الغير منقطعة من بعض المسؤولين
البلدان التي تعرف هذا نوع من الاحتجاجات التي تجري على شكل مقاطعة ...
تصريحات تصف هذه الاحتجاجات ب
"الفوضى" وبأوصاف عديدة أخرى ، و يتوعدون بوضع حد لها، بحجة أنها تلحق أضرار بالمصالح
العليا لتلك البلدان . رغم أن هؤلاء المسؤولين وجودهم أصلا هو للدفاع عن الشعب و ليس عن الشركات...
في الحقيقة ، شخصيا لا أعرف إن كان مفهوم مصطلح "فوضى" ، تم تغيره
. لأن المفهوم الكلاسيكي لهذا المصطلح يعني "فقدان النظام" ...
والشخص الذي يُقاطع بشكل سلمي شيء لا يعجبه وأصبح
في غير مقدروه الحصول عليه ، هو لم يرتكب هذا الجرم و بالتالي لا يمكن إلصاق به
هذا الوصف...
قلت ، التضخيم من أجل الانقضاض كما حصل
لكثير من البلدان العربية التي عرفت بما سُمي "الربيع العربي" ، وكيف هو
حالها الآن من تشتت وتمزيق و فقدان الأمن ...
و في الأخير رحل الشعب وبقى النظام وفي بلدان أخرى رحلا
الشعب و النظام معا وبقت الفوضى وعدم
الاستقرار...
بالمختصر المفيد ، ما هو جاري في بعض
البلدان "مقاطعة سلمية" و ليست "ربيعا" ، كما
تحاول بعض الجهات تغيير بوصلته ، كما هو حال محتوى تقرير المعهد المُشار إليه . وهذا
ما يجب أن ينتبه إليه المواطن العربي لكي لا يقع في الفخ مرتين...
بلقسام حمدان
العربي الإدريسي
05.08.2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق