في الحقيقة ، كما
كنت شرحته في مواضيع سابقة، ليس لي أي ميول كروية
وانفصلت عن ما يجري في ملاعب كرة القدم منذ زمان بعيد جدا...
لم أعد أعرف حتى أسماء الفرق و تواريخ المناسبات
الرياضية الهامة ، على غرار ما هو حاصل الآن في روسيا التي تحتضن بطولة كأس العالم
للكرة المستديرة ...
صحيح ، في وقت من
الأوقات من مشواري الحياتي كنت مدمن حتى النخاع في متابعة هذه اللعبة الشعبية التي
سطع نجمها بشكل غطت على جميع الفروع الرياضية الأخرى...
لكني لا أعرف هذه
المرة أحسست براحة نفسية لا مثيل لها وأنا
أقرأ في خبر عاجل من إحدى وكالات الأنباء العالمية عن انهزام روسيا أمام كرواتيا
وإقصاء البلد المضيف وخروجه من التصفيات بطولة كأس العالم ...
وبالتالي القضاء
على آمال النظام الروسي من جعل كأس العالم يبقى في روسيا لتكون فرحة الرئيس بوتين
عدة أفراح ...
فرحة الفوز في الانتخابات الرئاسية الروسية
وفرحة وضع قدم في منطقة الشرق الأوسط من خلال بوابة "مكافحة الإرهاب في
سوريا"، ويختمها بفرحة الفوز بكأس العالم ليحولها إلى أفرح ألف ليلية في ألف ليلة...
قلت فرحة النظام
الروسي و لم أقول الجماهير الروسية ، لأن لعبة كرة القدم أصبحت لأغلبية الأنظمة
على مستوى الكرة الأرضية "بريستيجا"(بريستيج)، أكثر منها لعبة رياضية مستغلين الحب الجماهيري
لها لإقحامها في الميدان التعبوي السياسي ...
لأن في الوقت كل
الأنظار متجهة إلى الملاعب الروسية لمتابعة أطوار هذه البطولة ، يقوم السلاح الجو
الروسي بقصف بدون أي شفقة أو رحمة مدن سورية محول عمرانها ومستشفياتها إلى دمار و
خراب مجبر أهاليها الذين نجوا من الهلاك على الفرار ...
وإذا كانت الدولة
السورية تستحق المساعدة من الأصدقاء و الحلفاء لإعادة النظام والقضاء على بؤر
التوتر في البلاد ، هذا لا يعني إبادة شعب كامل بحجة القضاء على "حفنة من
الإرهابيين"...
لأن الشعب السوري
من حقه أن يعيش ومن حقه أن يُتابع مجريات بطولة كأس العالم من خلال شاشات
التلفزيون وهو مرتاح البال وليس من خلال أصوات تلك الوحوش الطائرة وهي تلقي في حمم
نيرانها على رؤوسهم وعلى رؤوس أطفالهم...
لهذا السبب أكرر
شكري لكرواتيا التي أفسدت حلقة من حلقات الفرح النظام الروسي لكي لا يجعل من هذا العرس الكروي
امتداد لأعراس وليالي أفراح لا تنقضي حتى تمرير مشروعه "جيو سياسي -
الاستراتيجي " ، ولو على بحار دماء الشعوب ، التي لم يُحالفها الحظ حتى من
سماع نتيجة المقابلة ربما كان سيعيد لها جزء من معنوياتها المطمورة تحت الأنقاض...
بلقسام حمدان العربي الإدريسي
08.07.2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق