كنت تطرقت سابقا في "موضوع مقارنة" ، بين التعليم الأمس و
التعليم في الوقت الحالي، وأنا أتكلم عن
العالم الذي أعيش فيه ، ولا اعرف إن كان عاما أو محصورا في المكان و الزمان أنا الموجود فيهما ...
في الموضوع المذكور خلاصته ما أرادت قوله ، أن التعليم بالأمس كان عبارة عن
النقش في الأحجار و الصخور ، تبقى تلك النقوش على مر الدهر و العصور لا تمحوها
عوامل طبيعية مهما أوتيت من قوة...
و الدليل نقوش حضارات الأمم و الشعوب الذين عبروا عن وجودهم بنقوشهم على صخورهم
التي مرت قبلنا مازالت كما هي لولاها (النقوش) لا تذكرهم أحدا...
أما التعليم اليوم ، دائما حسب منظوري، كالحرث في المياه الجارية و كل الأمم
التي حرثت وجودها في المياه ليس لها وجود في ذاكرة البشرية ،لان حرثها جرفته
المياه...
موضوع تذكرته مؤخرا و أنا مارا بإحدى مقاهي الانترنت ، صاحب تلك المقهى
واضعا طاولة طويلة و عريضة في وسط محله واضعا عليها بحوثا جاهزة من كل الأصناف و
المستويات من الابتدائي مرروا بالثانوي وصولا إلى أعلى من ذلك . من بحوث عن الأم إلى
يوم العلم إلى تاريخ والجغرافيا إلى...إلى...
تماما ، كالسوق تجد كل الأصناف الخضروات و الفواكه إلى غير ذلك ، معروضة
أمامك. الفرق في السوق هناك أنواع من مواد طازجة تأكلها مباشرة بعد غسلها وتنظيفها
و هناك مواد غير طازجة تحتاج إلى طهي كالخضروات...
أما "البحوث الجاهزة" ، فلا تحتاج إلى ذلك ، على التلميذ أو
الطالب سوى النقل الحرفي بدون الحاجة إلى البلورة الفكرية ، بمعنى بدون اشتغال مخه
الذي يكون في استراحة ممدة...
وهنا تأكدت مرة أخرى أن التكنولوجيا نقمة بالنسبة للبعض و البعض هنا أقصد
"أحنا" و أحنا يعني الفرد العربي. لولا التكنولوجيا لما كانت هناك شبكة الانترنت ...
و لولا شبكة الانترنت لما كانت هناك بحوث جاهزة تُعطل تشغيل المخ و بالتالي
تعطيل إبداعاته الفكرية و عندما يتعطل الفكر تتعطل كل الحواس الجسدية...
وأنا مشدود إلى تلك الطاولة المعروض عليها تلك البحوث الجاهزة انتبه لي
صاحب المحل ، سألني إن كنت أريد موضوعا محددا ليساعدني في ذلك ...
أجابته : "أنا ابحث عن مستقبل
باين من عنوان" ، بعد برهة تفكير يبدو "تخلطت " عليه الأمور ، ليسألني
من جديد أي ميدان بالتحديد ، أجابته منصرفا ، "حتى أنا لا أعرف" ...
بلقسام حمدان العربي الإدريسي
16.04.2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق