Dig dans Une Mémoire

Dig  dans  Une  Mémoire
Dig dans Une Mémoire

محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي)

محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي)
محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي) كاتب ، صاحب : مجموعة قلم ، ثقافة ، فكر و معرفة

آخر المقالات

15 مارس 2016

( قصص من الواقع)... " تلك الحمير، لو لم تشبع لما هربت "



والدي حفظه الله ، روى لي قصة ، كنت ذكرتها سابقا  بشكل موجز .  القصة حدثت لوالدي عندما كان شابا أجيرا في ميدان الفلاحي عند أحد كبار "المعمرين" زمن الاحتلال الأجنبي...  
يوما نادى  ذلك المعمر والدي و كلفه بتقديم يوميا "العلف" ( غذاء الأنعام) لكل أصناف الحيوانات الموجودة عنده...
مقدما له ، أي لوالدي ، تعليمات في نوع و كمية العلف الواجب تقديمه لكل صنف :الأبقار ، الأغنام ، الأحصنة والخيول ، الخ...
لكنه عندما وصل إلى فصيلة "الحمير" ( أكرمكم الله) ،شدد المعمر المذكور على والدي على نوعية و كمية العلف الواجب تقديمها لهذا الفصيل...
وأعطى له تعليمات أكثر دقة ، قائلا ، له " أنتبه جيدا... الحمير التي  تشتغل الكمية و النوعية كذا . الحمير التي  لا تشتغل المربوطة في الإسطبلات ، الكمية و النوعية كذا..."...
والدي ، كما روى لي ، لم يهتم و لم ينفذ هذه التعليمات و كان يعطي للكل نفس النوعية و نفس الكمية و بالزائد أيضا...
يوما ، والكلام دائما للوالدي ، تلك الحمير التي كانت لا تشتغل انفلتت من إسطبلاتها هائمة على وجهها في البراري وتم تجنيد كل العمال و بصعوبة كبيرة تم السيطرة عليها (الحمير) و إعادتها إلى إسطبلاتها...
وبعد أن تم ذلك ، استدعى ذلك المعمر المذكور والدي قائلا له "أنت ، يا فلان ، لم تلتزم بتعليماتي فيما يخص الكمية و النوعية التي أمرتك بها لتقديمها لتلك "الحمير الهاربة"...
أنكر والدي بشدة ما ذكره المعمر مشددا انه  كان ملتزما بتلك الكميات ونوعيتها  المحددة . "قههه ، المعمر طويلا . ثم قال لوالدي : "شوف ، يا فلان تلك الحمير لو لم تشبع لما هربت "...
مضيفا له (أي المعمر لوالدي) : " الكائنات الحية و التي تدب فيها الحياة و بالطبع على رأس تلك الكائنات ، الكائن البشري فيها (أي الكائنات) ، الحر  وعكس الحر ..."...
شارحا له " الحر عندما يشبع من نعم الله يزداد تواضعا و تعقلا و يحمد الله على  تلك النعم الموجود فيها و لا يؤذي نفسه و لا الآخرين"...  
أما عكس الحر ، الكلام دائما للمعمر ، كلما شبع من تلك النعم يزدادا هيجانا و تمردا ويحول تلك النعم إلى نقم وسخط ، و"الحمير"  هو ذلك الصنف و الدليل أمام عينك ، مختتما (المعمر) كلامه لوالدي...
نعم ،  صدق و أصاب  ذلك المعمر. كلامه حكمة صالحة في الزمان و المكان ومن أراد التحقق من مصداقيتها فلينظر عن يمينه و شماله ويقيسها بقصة "الحمير الهاربة "...  







بلقسام حمدان العربي الإدريسي
15.03.2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق