المناعة ، كل حاجز يمنع الأذى أو الضرر من الوصول إلى مبتغياهما والحفاظ
على الشيء الأصلي والتخلص و طرد كل ما هو غازي و ضار. و كل شيء له جهاز المناعة
الخاص به ...
فإذا
كان للجسم جهاز مناعة يصد الأمراض والسموم يحيدها و يبيدها. يتطور هذا الجهاز المناعة مع نمو الإنسان و مرور الزمن، لتصبح مناعة مكتسبة تكتسب بالتدريب والتحفيز،تكون
أساساها التطعيم الكامل و الصحيح والوقاية
...
وعلينا التخيل جسم فاقد المناعة
المكتسبة كيف تعصف به كل "نسمة فيروسية" ، و لنا خير دليل ما هو حاصل مع
الذين فقدوا هذه المناعة لم تنفع كل البحوث الطبية و المخبرية المدعومة من منظمة
الصحة العالمية من إيجاد علاج يكون بديلا عن المناعة الذاتية المكتسبة ...
تماما ، المثال ينطبق على المجتمعات
و بالتالي الأمم التي تفقد مناعتها الذاتية المتمثلة في الحفاظ على انسجامها الأخلاقي
و المجتمعي و تصبح عرضة لكل الاختراقات و يصبح جهاز المناعة لهذه المجتمعات عاطل عن التمييز بين ما هو صالح وبين ما هو ضار
و مفكك...
والمجتمع العربي ، على الأقل مدى
علمي و نظري ، جهاز مناعته أصابه التلف و فقد حاسة التمييز وأصبح يتقبل كل ما هو
مستورد ...
و لتوضيح و تبسيط الفكرة أكثر ، علينا
اخذ مثال بسيط (تم ذكره في وقت سابق) ،تلك العادة العجيبة الغريبة التي غزت المجتمع العربي الإسلامي المحافظ ، ألا وهي "قصة" الخاتم يوم الخطوبة وطقوسه العجيبة الغريبة عنا
، وأصبح البند الأساسي والغير قابل للنقاش ، حتى لو أدى ذلك إلى إلغاء الزواج نفسه...
بل فعلا ،لقد تم فسخ "خطوبات" ، على خطوات قليلة من إتمام الزواج ، لان العريس تقاعس أو رفض انجاز هذا البند ، مما اعتبر من طرف أهل العروس اهانة ، لا توازيها اهانة ، أمام الأهل و الجيران و الناس...
أو العكس الصحيح ،لأن والد العروس ،المحافظ على تقاليده ،رفض أن تخضع ابنته لهذه الطقوس المستوردة من وراء البحار وعلى أمواج "الصحون الطائرة" ، فأعتبر من العريس أو أهل العريس اهانة لهم وخروج عن دفتر "شروط العصرنة" ...
بل فعلا ،لقد تم فسخ "خطوبات" ، على خطوات قليلة من إتمام الزواج ، لان العريس تقاعس أو رفض انجاز هذا البند ، مما اعتبر من طرف أهل العروس اهانة ، لا توازيها اهانة ، أمام الأهل و الجيران و الناس...
أو العكس الصحيح ،لأن والد العروس ،المحافظ على تقاليده ،رفض أن تخضع ابنته لهذه الطقوس المستوردة من وراء البحار وعلى أمواج "الصحون الطائرة" ، فأعتبر من العريس أو أهل العريس اهانة لهم وخروج عن دفتر "شروط العصرنة" ...
لقد حاولت معرفة خصوصيات وفوائد هذه العادة حتى نرتمي هكذا في
"أحضانها" ، كارتماء الطفل في أحضان أمه ! فلم أجد ما يبرر ذلك ...
قلت المجتمع العربي المسلم المحافظ ، و أعني "المحافظ
"المناطق التي كانت دوما حصنا منيعا لأصالتنا و تقاليدنا الضاربة في الجذور ،
اخترقت بشكل فظيع بهذه العادة الغريبة ، ولا يعرف كيف تمت بهذه السهولة ...
بل أكثر من ذلك ، مناطق تحرم فيها البنت من
التعليم وحلاوة العلم ، بحجج المحافظة و الأصالة ، لتختفي كل هذه المعتقدات يوم
"الخاتم"، وطقوس الخاتم...
هذا إلا
مثال بسيط و هين إذا قُورن بأمثلة أخرى كيف "انبطح" المواطن العربي وفقد
ثقته في نفسه و في تقاليده و في أصالته و اختفى جهاز مناعته كما تختفي الجيوش و
تولي الدبر يوم الزحف...
هذا
لا يعني المجتمع يبقى منغلق على نفسه ، كما حدث لمجتمعات انغلقت على نفسها فحلت
بها عاصفة و ذابت كما تذوب الأملاح في المياه . على سبيل المثال لا الحصر :
مجتمعات الهنود الحمر...
لكن ،
علينا تقوية جهازنا المناعي لغربلة و تصفية كل ما هو وارد ، الاحتفاظ بكل ما هو النافع
ورمي في سلة "القاذورات" كل ما هو غير نافع أو ضار. تماما ، كالشجرة
المثمرة علينا الاختيار النوع الجيد لتقليمها . و لا يمكن تقليم شجرة التفاح بنبتة
"الدفلة" ، رغم أنها دائمة الاخضرار وزاهية الألوان ، لكنها تبقى مُرة و
سامة...
بلقسام
حمدان العربي الإدريسي
14.03.2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق