Dig dans Une Mémoire

Dig  dans  Une  Mémoire
Dig dans Une Mémoire

محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي)

محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي)
محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي) كاتب ، صاحب : مجموعة قلم ، ثقافة ، فكر و معرفة

آخر المقالات

17 مارس 2016

من النقيض إلى النقيض...



في موضوع سابق ، تم التطرق كيف المجتمع العربي المحافظ فقد مناعته الذاتية . قلت ،  المحافظ و ليست الفئة التي تحررت بشكل كامل ، صراحة و علنا و تمردا عن كل علاقة "كانت"  تربطها بمجتمعها الأصلي : لسانا ، هوية و سلوكا...
حتى أصبحت تنظر إلى ذلك الأصل بشكل "تكبري" (التكبر) و "احتقاري" ( احتقار).  تنفيسا عن عقدة مزمنة تلازم هؤلاء ، تم الخوض فيها في مواضيع سابقة ...
قلت ، المجتمع العربي المحافظ لم يعرف أبدا  الوسطية وهو من النقيض إلى النقيض. مثله تماما و بالمفهوم السياسي من اليمين المتطرف إلى أقصى اليسار المتطرف وكل نسمة تغيير تؤثر فيه يمينا أو يسارا ...
في الحقيقة و إذا أرادنا الصراحة ، هذا المجتمع لم يعرف المحافظة أبدا والفئة المتحررة المذكورة آنفا، قد  تكون أصدق حالا لأنها واضحة وعبرت عن موقفها الفكري و سلوكي بوضوح و بدون خجل...
أما الفئة الأخرى ، بما تسمى المحافظة  فهي متناقضة . فهي محافظة في العلن و متحررة من كل قيم في الخفاء ، ومقياسي في تقديري هذا محيطي و مدى علمي و نظري، قد يكون غير صحيح في جهات أخرى ( قلت قد يكون)...
أتذكر ليس بوقت ليس ببعيد عندما كانت هذه المجتمعات المتكلم عنها موجودة في أقصى اليسار "المتسيب"  كانت لا تبالي بهذه القيم ...
على سبيل المثال لا الحصر ، كانت تقام  أفراح و أعراس كل شيء فيها مباح من الرقص المختلط من ذكر و أنثى في الهواء الطلق ، تحت "ضربات البارود" و نغمات "الزرنة" و ما شابها من تلك الآلات الموسيقية الشعبية ...
تلك الأنثى تحرم عنها حتى نسمات الهواء وأشعة الشمس لتجد نفسها أيام الأفراح و الاختلاط كل شيء مباح من لقاء الحبيب و العشيق وهمسات ولهيب الشوق وإعطاء المواعيد وفي تلك الليلة تحصل المعاصي و الرذائل و ما يغضب الرحمن ...
الأخطر و الأقبح من كل ذلك ، الكثير من تلك الأعراس و الأفراح تنشطها "شيخة" من شيخات" الطرب " ما تحت الحزام" ( أكرمكم الله)...
تلك "الشيخات" لا يحلن لهن الغناء إلا بعد احتساء المزيد من "الخمور" (عفاكم الله )، و على  صاحب العرس أن يوفر الكمية المطلوبة و يخزنها في بيته تحت تصرف "الشيخة" ومرافقيها  ليحتسوا  المزيد بعد كل الاستراحة و طوال الليلة حتى صيحة الديك ، وكلما احتست "الشيخة"  المزيد زادت "وقاحة الكلام" و قلة الحياء ...
وفي الصباح ذلك صاحب العرس "المحافظ" يلقي على الناس في المقاهي و على "حواشي" الطرقات محاضرات في القيم و "الحشمة" وانه صارم في هذا الشأن و يعطي أمثلة كيف أهل بيته و بناته قمة في "الحشمة" و المحافظة على القيم و هو لا يدري أن عرسه الذي أقامه بالأمس هو قمة في الانحطاط و الأخلاق و ضربة في الصميم في مفاهيم المحافظة على القيم و المحظور ...
نفس المجتمع المتكلم عنه جاءته "نسمة إيمانية"، بدون تحميصها ومدى تطابقها مع إيمانه و مذهبه، ارتمى في أحضان تلك الأفكار المتزمتة التي ترى كل شيء في الوجود اسود...
أفكارا يروجها أناس كانوا بالأمس القريب من حاشية تلك "الشيخات" المذكورات  وهم يشجعهن على المزيد من الاحتساء و المفردات التي تهيج وتهين الأفكار و المعتقدات...
في هذه المجتمعات "المحافظة"، التي كانت فيها كل شيء مباح في ليلة الأفراح التي لا تغيب طيلة العام . تحولت إلى متزمتة كل شيء فيه حرام وبفتاوى تباع على حواشي الطرقات كما تباع وجبات الأكل السريع على مداخل الأسواق تحت الغبار و الذباب...
لكن هذه المجتمعات التي تحولت إلى أقصى اليمين المتطرف لم تفرط في مكاسب "اليسار المستورد" كقضية "الخاتم" ( المذكورة سابقا) ...
  تلك الأنثى التي أصبحت يُحرم  عليها حتى مقابلة الأشخاص الأكثر تقربا منها دما و نسبا ،  يصبح في  تلك الليلة ( ليلة الخاتم)  كل شيء مباح...
 بمعنى ، مجتمع من النقيض إلى النقيض أو بالمعنى الآخر المذكور ، من أقصى اليسار المتطرف إلى أقصى اليمين  المتطرف أو العكس الصحيح...






بلقسام حمدان العربي الإدريسي
17.03.2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق