Dig dans Une Mémoire

Dig  dans  Une  Mémoire
Dig dans Une Mémoire

محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي)

محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي)
محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي) كاتب ، صاحب : مجموعة قلم ، ثقافة ، فكر و معرفة

آخر المقالات

21 ديسمبر 2015

( مسار حياة)... " مساري مع رؤوس متزلفة " (19)



خلال مسيراتي المهنية الطويلة ، تصادفت مع رؤوس" متزلفة" من مختلف الأنواع والأشكال . بعض من هذه الرؤوس يعجز حتى سيف الحجاج من قطفها  بضربة واحدة ولا بد من عدة  محاولات لكي يتم  جزرها عن جسدها...
رؤوس تفوح منها روائح الغدر والمكائد والدسائس و إلحاق الأذى بالآخرين فقط لإرضاء وكسب ود جهة عليا أو نافذة أو حتى أقل من ذلك . أو فقط لإرضاء غرائز خبيثة وسادية ماكثة  في نفسية هؤلاء...
من وجهة نظري ، "التزلف" عادة يكتسبها الشخص من خلال التربية التي يتلقاها منذ ولادته . بمعنى ، عادة مكتسبة من خلال نوع هذه التربية . والشخص "المتزلف"  يريد تعويض نقص في كفاءته الذاتية أو  المهنية أو لكي يحتفظ بمنصبه يلتجأ إلى هذه العادة القبيحة ، ونجاحه في ذلك يكون على حساب الآخرين...
وبعض ،  أو قل الكثير ،  من المسؤولين يشجعون ذلك ويصبح هؤلاء "المتزلفون" كاميراتهم المخفية ، يرون بعيون تلك الرؤوس كل ما يجري حولهم أو لاستعمالهم في مهمات "قذرة" والتخلص منهم عندما تظهر روائح  تلك القذارة  للعلن...
كنت و مازالت أمقت إلى درجة الكره تلك "الرؤوس المتعفنة"  ولا أتعامل معهم  و لا أجاملهم وان فعلت ذلك سأحتقر نفسي أيضا وكنت أعبر  عن ذلك علنا وعلى مسامعهم..
مرة ، استدعني مسؤولا كنت أعمل تحت إمرته وكلمني  عن شيء قمت به ولم أخبره عنه  وكان جالس بجانبه رأسا من تلك الرؤوس ومعروف عنه أنه هو "الكاميرا المخفية " لذلك المسؤول...
قلت له هذا "..." ( أكرمكم الله) ، هو من أخبرك بذلك. وإذ بذلك  المسؤول يخرج عن طوره ويصيح في وجهي "كيف  تقول له  ذلك أمامي" ، وطلب مني أن أخرج من عنده ...
وبعد أيام ألتقني ذلك المسؤول واعتذر مني قائلا "أنا أعرف ، لكن كان عليك ألا تقول له  ذلك  أمامي لكي لا أفقد هيبتي أمامه". بمعنى ، الكل يحتقر مثل هؤلاء الأشخاص حتى الجهة التي تستفيد من"تزلفهم"...
هذه عينة من هكذا رؤوس صادفتها خلال مشوار مهني  ،  كل تلك الرؤوس لا ترقى إلى  درجة رؤوس "ديوان الدسائس" المشهور و المذكور...
 لكن  هناك "رأس متزلف" آخر صادفته  في  آخر مشواري المهني قد  يكون صنف جد نادر يتجاوز ندرة "ديوان الدسائس". هذا الشخص يزعم أنه خبير في إحدى الاختصاصات الفنية العالية ، لكن ذلك ليس مهم...
 المهم ، أن هذا الشخص يحشر نفسه في كل شيء مستغلا علاقة خاصة تربطه بإحدى جهات عليا ويعتبر نفسه المفوض فوق العادة لتلك الجهة،  وينقل إليها كل شاردة و ورادة ...
متكبرا  متعالي ،  يهين ويشتم الناس حتى إطارات سامية أعلى منه بكثير تخشاه وتتحاشاه . يوما تتدخل بطريقته المتعالية  المعروفة في شيئا  يخصني ، أمام مرأى  الجميع ، قلت   "شوف ، يا فلان  أنت عندما تتكلم معي أعرف بأنك تتكلم مع إطار حقيقي و ليس "مزيف" أو "متزلف" ، لذلك ...، (ولم أتمم العبارة لأتركه يفسرها كيفما يشأ) ...  
فاجأته ومن شدة تلك المفاجأة ، التي لم يكون يتوقعها ،  انسحب ماشيا  إلى الوراء وهو يرى يمينا وشمالا إذا كان هناك شخص انتبه إلى  ذلك . كنت أعلم يقينا  أنه لا يفوت الفرصة لكي يوشيني عند تلك الجهة التي يتحرك باسمها  و بغطائها...
 لكني لم أكون أبالي بذلك لأني كنت ملتزم التزاما مطلقا  بنصائح أول مسؤول عملت تحت إمرته في أول مشواري المهني. حيث قال لي يوما : "يا بني ، لا تنغمس لكي لا تخاف ، و لا تشبث بمنصبك لكي لا تهان ، وأترك خصومك يكرهونك و لا تتركهم يحتقرونك"...
يوما وأنا في مكتب "جهة عليا"  ، وأثناء وجودي جرى اتصال هاتفي بين الجهتين ،  الجهة الموجود في مكتبها وجهة عليا  أخرى التي يتحرك تحت غطاءها ذلك "الشخص المتزلف"...
 وإذ بالمسؤول الرفيع الذي كنت في مكتبه سأل    الجهة الأخرى :  "هل تعرف فلان (ألا وهو أنا)...". أجابه الجانب الآخر ، قائلا : "ذاك الشخص ، صاحب المشاكل..." . وهنا تأكدت فعلا أن ذلك الشخص "المتزلف" وشى بي فعلا...
 رد عليه المسؤول الكبير الذي كنت معه    ، بعد قههه طويلة ، قائلا  له : "يبدو ، أن مصادرك غير موثوق بها  يا فلان..." ، مضيفا له " الشخص الذي تتكلم عنه ، "حلال  المشاكل" و" ليس صاحب المشاكل" ،  كما تقول . وكان عليك أن تتحرى جيدا  عنه قبل  الحكم عليه  "...
 بالمختصر المفيد ، المصيبة تكمن عندما يتم الحكم على الآخرين من خلال "رؤوس متزلفة"  فاقدة الوازع الأخلاقي و الأدبي وتكون مصائرهم و مستقبلهم مرهونة بنزوات تلك "الرؤوس"...

           






   بلقسام حمدان العربي الإدريسي
17.12.2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق