قلت ، تطورت
الأحداث بسرعة أنقض التلاميذ على أستاذهم وولي نعمتهم واستولوا بالكامل على
"ديوان الدسائس" ، الانقضاض كان شنيع و مهين لرجل بتلك المكانة وبتلك
المدة المهنية الطويلة...
في الحقيقة ، منذ
مدة طويلة كان دور التلاميذ أكبر بكثير من دور أستاذهم . لقد كانوا هم الحكام الحقيقيون وكان الأستاذ مجرد واجهة قبل أن يزيحوه تماما...
واحد من هؤلاء التلاميذ هو في الحقيقة أستاذ وخبير في فن الدسائس والمكائد ، قلت في السابق ، تصبح "الجارية الكسندرا " وما فعلته
في قصر الباب العالي ، مجرد تلميذة أمام هذا الأستاذ والخبير...
وتشأ الصدف أن
يلتجأ لي "الأستاذ المزاح" لمد
له يد المساعدة بعد اشترطوا عليه "تلاميذه" قبل ترك منصبه أن يقدم عرضا مفصلا عن انجاز كان
مشرف عليه في وقت سابق ...
وليته لم يطلب مني ذلك ، لأنها كانت تلك المساعدة فاتورة حساب لدين كان عليه أن يدفعه لدسائسه
والأضرار المعنوية والأخلاقية التي ألحقها بمسيراتي المهنية ...
لا أعلم إن كانوا
مثل هؤلاء الناس يدركون ويكونوا في كامل وعيهم المهني والأخلاقي عندما يكونوا
يوزعون في ظلمهم يمينا وشمالا و هم يذبحون مستقبل ضحاياهم ويدمرون و يسحقون أمالهم المهنية
لحسابات ضيقة ولإرضاء غليل حقدهم الدفين ...
صحيح ، أطلقت عليه
رصاصة الرحمة لكنها ليست رصاصة غدر من الخلف . وإنما هي رصاصة تقنية مهنية ، أطلقتها عليه من الأمام وفي النهار وأمام
الجميع ...
رصاصة تحمل رسائل ومعاني أن الحياة الدنيا يومان
لا ثالث لهما ، يوما لك ويوم آخر لغيرك. وعلى المرء أن يستغل يومه ليجده عندما
ينتقل إلى غيره...
لقد ألمته تلك
الرصاصة أكثر مما أوجعته ضربة الخنجر
المغروس في ظهره من تلاميذه كانوا وكلاء عنه في إلحاق الضرر بالآخرين . لأن تلك
الرصاصة عرته تماما أمام الجميع من أعلى سلطة إلى ابسط موظف وبينت أن مثل هؤلاء
يمثلون الرداءة بأقبح أوصافها و أضرارهم
لا تقتصر على الأفراد وإنما الصالح العام ضحية الأساسية ...
لقد تأكدت بنفسي
من اثر تلك الرصاصة ، التي تحولت إلى صاروخ متعدد الرؤوس أحدث فزعا و هلعا في كل جهة مر عليها وجعلت كل المصالح تعلن حالة الطوارئ وتجتهد في تقديم
تبريرات تخفف عنها غضب السلطات العليا
وتبعد عنها شبهات التقاعس والعجز في تسيير و
صيانة المال العام ...
قلت ، تأكدت عن
قرب من اثر تلك الرصاصة "الصاروخية" ، عندما كنت مارا و به (الأستاذ المخلوع) يناديني وكان وسط كوكبة من المسؤولين و الإطارات
وسألني و أوجاع تلك الرصاصة ظاهرة على ملامحه ، قائلا " هل لك مشكل معي
؟"...
أجابته بهدوء تام ، لأني كنت في
موقف قوى و القوي دائما يكون هادئ ، قلت له "بالنسبة لي ، ليس لي أي مشكل معك... ". رد علي "إذن
لماذا فعلت ذلك (يعني التقرير المذكور) ...". أجابته " ألم ، حضرتك ، طلبت ذلك...". رد علي بغضب "طلبت منك
مساعدة وليس أن تذبحيني بهذه الطريقة"...
قلت له وأنا أنصرف
، لأن معنوياته كانت في الحضيض و خفت أن
تتطور المناقشة إلى أسوأ ، قائلا له : " هذه هي
طريقتي في المساعد ة و إذا حضرتك مازالت تحتاج إلى مساعدة أخرى فأنا موجود ".
وكان آخر اتصال مادي مع هذا الشخص ...
بلقسام حمدان
العربي الإدريسي
17.12.2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق