Dig dans Une Mémoire

Dig  dans  Une  Mémoire
Dig dans Une Mémoire

محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي)

محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي)
محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي) كاتب ، صاحب : مجموعة قلم ، ثقافة ، فكر و معرفة

آخر المقالات

16 ديسمبر 2015

( مسار حياة)... التقرير التقني-المالي- الاقتصادي "المدوي" (17)

كانت الجهة العليا التي  طلبت مني انتظار مشروع ضخم كان في مرحلة الدراسات لأكون أنا المشرف عليه ، طلبت أيضا مني أن أتصل بالجهة المعنية لكي أخذ فكرة مبدئية عن ذلك المشروع...
تلك الجهة المعنية هو الشخص  كبير "ديوان الدسائس" ، المذكور والمعروف. وعند الاتصال به سخر مني قائلا ، ليس هناك أي مشروع في الطريق وأن تلك السلطة العليا التي أخبرتك بشيء  ليس صحيحا. رغم أني كنت على علم أن ذلك المشروع هو فعلا في طريقه لرؤية النور ، بمعنى وصلت به الجرأة (تجنبا لعبارة أخرى) ، أن يشكك في معلومات ومصداقية سلطة عليا...
لكن بعد مدة ليست بالطويلة علمت أن المشروع المذكور انطلق فعلا وعلى رأسه شخصا آخر.  تملكني الغضب و طلبت مقابلة تلك السلطة العليا التي وعدتني بذلك المشروع...
لمقابلة تلك السلطة بتلك الدرجة يتطلب طلبا موعدا  مسبقا  والانتظار ، أما أنا بمجرد أن طلبت ذلك من مدير مكتبه لبى طلبي بسرعة ، مما يعني مكانتي عند تلك السلطة...
استقبلني ذلك المسؤول كالعادة بحفاوة بالغة و اكتسابا للوقت وعدم تضييع وقت ذلك المسؤول دخلت في الموضوع مباشرة ، بعد أن ذكرته بوعده أخبرته أن المشروع المذكور انطلق تحت اشرف شخص آخر...
بسرعة ، أخذ سماعة الهاتف و اتصل بالجهة المعنية و سألها من هو الشخص المعين في المشروع الفلاني ، جاءه الرد من الجهة الأخرى وكنت أسمع الرد ، لأن ذلك المسؤول قرب عمدا سماعة الهاتف  مني...
الرد ، أن الشخص الذي تم تعيينه هو "فلان" ، فسألهم لماذا ؟ أليس من المفروض أن فلانا (هو أنا) هو من يشرف عليه ؟ فكان رد تلك الجهة كالعادة ،  اللف والدوران وتزييف الحقائق ...
الرد ، هو أن ذلك الشخص  متخرج من مدرسة فلانية و...و...و . وأن قرار التعيين صدر ومن الصعب تغييره . وكلها افتراءات. لأن ذلك الشخص إطار متخرج حديثا و ليس له أي خبرة سابقة أكثر من ذلك اختصاصه الدراسات و ليس الانجازات والقرارات يمكن تغييرها عشرات المرات يوميا ...
المهم  ، وضع ذلك المسؤول الرفيع السماعة بغضب وبعد برهة من التفكير أعاد رفع السماعة واتصل من جديد بتلك الجهة المذكورة ، صادرا  إليها تعليمات بدون مناقشة أن  عليها تنفيذها حالا وبدون تأخر ، والتعليمات هي تقسيم المشروع إلى جزئيين ، جزء منه لي...
بالفعل ، عند خروجي من مكتب  تلك السلطة وجدت القرار جاهز ، صحيح ذلك الجزء كان صغيرا مقارنة بالمشروع ككل لكني كنت راضي كل الرضا عن ذلك وبدأت في العمل بسرعة والمهنية  فائقة وكانت تجاربي السابقة عامل مساعد في ذلك  ...
في ذلك الوقت حدث انقلاب مروع في "ديوان الدسائس" ، لقد تمكن "التلاميذ" من الانقلاب على "أستاذهم " وانهوا مهامه بطريقة مشينة ومهينة...
جاءني ذلك "الأستاذ المطرود" ، طالبا مني  يد المساعدة . لأنه  طلب منه قبل المغادرة  تقديم عرضا مفصلا عن انجاز ضخم كان هو المشرف عليه في السابق...
قال لي بتجربتك و خبرتك (الآن أصبح  يراني خبيرا) ، مضيفا بتهكم "مبطن" ، وأنك صاحب " نظرية التقنية المالية"، أرجوك أن تساعدني في انجاز هذا العرض لتقديمه لسلطة عليا في أقرب  وقت...
 وفقت على طلبه بسرعة وبدون تردد ووعدته أن خلال أيام سأضع بين يديه كل ما طلبه مني . لقد كان يحتضر بسبب ضربة خنجر من تلاميذه و كان علي إطلاق عليه "رصاصة الرحمة"...
  عند انصرافه ، قلت بيني وبين نفسي ، لقد وقعت أخيرا بين يدي يا هذا ، سأعيرك (تعرية)  أمام الملأ ، سأجعلك تدفع ثمن دسائسك وسأجعلك سخرية تداولها الألسنة سأجعلك أضحوكة أمام الملأ...
هذا الشخص يكون من السذاجة و الغباوة  إذا كان يظن إنني كنت أجهل دسائسه طول مشواري المهني وكان الحاجز الذي وقف بقوة أمام طموحاتي المهنية التي كدت تحقيقها بالكامل لولا دسائس هذا الرجل وديوانه الشهير...
هذا الرجل ، كما قلت عنه في السابق ، "لا يخرج للعيب" وإنما آخرون يتولون الأمر بالوكالة عنه . لقد تظاهر لي أنه نسى تلك المواجهة  التي حصلت بينا في حادثة "اللجنة التقنية" المذكورة ، في بداية مشواري مهني ...
مثل هؤلاء الأشخاص لا ينسون و يظهرون عكس ما يبطنون تجري في عروقهم حب الغدر و الانتقام . هذا الرجل الذي ترجاني على عدم ذكر اسمه أمام لجنة تحقيق عليا وجنبته المساءلة أمام أعلى هيئة تنفيذية...
  هو نفسه الذي كان يحمي في الخفاء خصمي هو نفسه الذي سرب للجنة إنني قدمت طلب التحويل  وأن سلامتي الشخصية مهددة لو ابقي في ذلك المكان  ، رغم أن سلامتي الشخصية  لم تكون مهددة  ولم أذكر له ذلك حتى تلميحا. وكان الهدف فقط تجنب أن يصدر الوزير قرار بتعييني المسؤول الأول عن ذلك الانجاز الضخم. ومنذ متى  كان يهم مثل هؤلاء الأشخاص سلامة الآخرين...
هو نفسه الذي ميع وسوف (تسويف)  توصيات اللجنة المعززة بتعليمات الوزير . هو نفسه الذي كان يقوم ببحث لي عن مكان تتأقلم فيه أظافري هو نفسه الذي وقف في وجهي للحصول على إشراف ذلك الانجاز الضخم الذي وعدتني به الجهة العليا المذكورة...
بعد أيام كما وعدته ، أرسلت له عن طريق سكرتاريته تقريرا تقني-مالي- اقتصادي. قلت ، عن طريق سكرتاريته تجنبا  لمقابلته لأني كنت متأكد كيف تكون حالته عندما يطلع على ذلك التقرير . أنها  الرصاصة  الرحمة التي ذكرتها آنفا...
تقرير من عدة صفحات يعجز ، ربما ،  خبراء الصندوق الدولي و البنك الدولي من انجازه بتلك التفاصيل و الدقة ، نقل إلى من أشخاص كانوا متواجدين في مكتبه عندما كان يقرأ في ذلك التقرير ، لقد كاد أن يغمى عليه ليس بسبب ما جاء في التقرير لكن عندما قرأ  في آخر التقرير أنه مؤمم على  جميع الجهات والمصالح و الأهم من ذلك سلطات عليا. لقد علق على ذلك (كما نقل إلي)  ،  قائلا  : "يبدو أن وزير الاقتصاد نفسه ساعده في ذلك"...  
لقد كان ذلك التقرير صاروخ متعدد الرؤوس غير تقليدية سمع دوي انفجاراتها   تدوي   في كل الجهات وأعلنت حالة الطوارئ القصوى  في كل المصالح لأنها كلها  مطالبة  بتقديم للسلطة العليا توضيحات وتفسيرات وأول من عليه تقديم تلك التوضيحات هي الجهة التي طلبت مني تلك المساعدة ...
لقد مر علي مسرعا وفي يده ملفا في اتجاه مقر السلطة العليا ونظر إلى نظرة فهمت منها أنها  رصاصة الرحمة أصابت هدفها بدقة متناهية...
خلاصة ذلك التقرير و بالأرقام من  عشرات الأصفار  على اليمين هي الخسائر التي تكبدتها الخزينة العمومية من جراء سوء التسيير يتحمله من كان يشرف على ذلك الانجاز وبدون أن أذكر اسمه في التقرير فهو معروف شكلا و اسما.  تلك الأرقام المذكورة كانت تكفي لتكون ميزانيات تسيير وتجهيز لعدة سنوات ...
أصبح ذلك التقرير حديث الجميع وانقسم ، منهم من نزل بردا و سلاما على قلبه واعتبروه انتصارا تاريخي على "ديوان الدسائس" و توابعه ومنهم من علق على ذلك بسخرية   ، قائلين لي "مكانك وزيرا  للاقتصاد" ...
وقسم آخر رأوا ذلك تجاوزا ومنهم من عبر لي صراحة أن ذلك غير لائق بالخصوص الذين على شاكلته و من نفس  مدرسته   ...
أما السلطة العليا فلم تستدعيني و لم تطلب مني  توضيحا لأنها كانت مقتنعة بما قدمته بالدليل التقني والمادي و كانت متأكدة  أنها الحقيقة ...
 أما الجهة المعنية فلا أعرف ما هي التبريرات التي قدمتها للسلطة العليا ، لكني كانت لي الفرصة الاطلاع على الرد الكتابي لتك الجهة فهو رد عمومي ،  أهم ما جاء فيه  أن هذا الكلام غير صحيح واني غير مؤهل لذلك و أستحق عقوبة ردعية.  أما أنا كنت أعتبر ذلك حلقة من مسار حياة سينتهي  يوما ...     





        
   بلقسام حمدان العربي الإدريسي
16.12.2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق