قلت ، كانت لي
جولة أولى من المواجهة مع المسؤول الذي تم تحويلي للعمل تحت إمرته ، وهو التحويل
الثاني في بضع أشهر منذ المثول أمام لجنة التحقيق والانتصار الباهر و التاريخي على
خصمي ومن للذين كانوا ورآه وعلى رأسهم "ديوان الدسائس" ، المذكور
سلفا...
كان هدف من هذه التحويلات المستمرة هو للتأثير
النفسي و البحث لي عن مكان المناسب لي والمكان المناسب بالنسبة لهم وهو المكان
الذي تأقلم فيه أظافري ...
الجولة الأولى مع
هذا المسؤول ، الذي كان يعتبر نفسه سلطانا على القطاع الذي كان يشرف عليه ،وكل من
يعمل تحت إمرته مجرد رعية في سلطانته المترامية المصالح ...
الجولة الأولى هذه ، كانت انتكاسة بالنسبة له لأني أصبحت أقوى من ذي قبل وخرجت من مكتب تلك السلطة التي اشتكاني
عندها و في يدي تهنئة بأمر من الوزير نفسه...
أنقطع التيار
تماما بيننا وأصبح عاجزا عل فعل أي شيء ضدي
إلا بمرور وموافقة من تلك السلطة العليا
المذكورة وتلك السلطة أصبحت تربطني بها علاقة قوية ، علاقة احترام و
تقدير . أصبحت كالذي يمشي وسط غابة وبجانبه أسدا ...
تلك السلطة العليا
أصبحت بالنسبة لها مرجعا حتى ، يحكى لي ، أن ذلك المسؤول الرفيع الذي يحتل أرفع
منصب بعد منصب الوزير ، يعطي بي المثل في اجتماعاته مع الإطارات العليا ...
حتى نقل إلي أن في إحدى الاجتماعات طرح أحد الإطارات مشكلا مهني-تقني ، رد عليه ذلك المسؤول الرفيع ، قائلا: " سأبحث الأمر مع فلان" ( ألا وهو
أنا).، لقد أصبحت مهاب من الجميع . حتى أن
"ديوان الدسائس" بدأ يطلق إشاعات بأن لي صلة قرابة مع تلك السلطة العليا
المذكورة ....
قلت كانت الجولة
الأولى في غير صالح "السلطان سليمان" ، قد يكون ندم على تقريره و الذي بفضله
انفتحت لي أبواب تلك السلطة العليا
وأصبحت معروف عندها اسما و شكلا ، ولكن كان ليس له خيار آخر وهو يرى في هيبة سلطاته تهتز بسبب طريقة العمل الجديدة التي كنت أنفذها... الأول ضدي
لذلك وبعد مدة
وجيزة أعاد الكرة لكن هذه المرة بقوة كبيرة حرر تقريرا مفصلا مدعوما بشهادات مكتوبة من مسؤولين في ديوانه الأدهى من
كل ذلك ، أرفق مع تقريره شهادات مكتوبة من مؤسسات تزعم أنها بسببي لم تتلقى
مخصصاتها المالية عن أشغال أنجزتها ، لكن لا يعرف أين ، متى وكيف أنجزتها ، لأنها
ليس لها أي اثر ...
الاستعانة بشهادة
مرؤوسين في تقرير يرفعه مسؤول إلى رؤسائه بادرة
جديدة في إدارة . لأن قرارات و كلام مسؤول تكفي ، إلا إذا كان فاقد المصداقية
عند رؤسائه...
على كل حال ، استدعتني
تلك السلطة العليا من جديد ، لكن هذه المرة قال لي ذلك المسؤول الرفيع: "شوف
يا فلان ، هؤلاء الناس لا يتركونك في حالك ، سيخلقون لك المشاكل تلو المشاكل و يتعبونك مهنيا و نفسيا" ...
مضيفا :
"لذلك هناك مشروع ضخم وضخم جدا ، هو في الطريق، ستكون أنت المشرف عليه"
، " وفي انتظار ذلك ، أذهب إلى أي مكان أو مكتب تريد و أجلس فيه ، انتظارا لذلك المشروع ...".
وكان كذلك الحال
اخترت مكتبا أدخل وأخرج وقت ما أشأ و لا احد كان يجرؤ الاقتراب مني وبالخصوص
"ديوان الدسائس" . تماما، كما قلت آنفا ، كالذي يتجول في غابة و بجانبه
أسدا ، يصبح كل "سكان" تلك الغابة ،بمختلف الأشكال والأنواع ، ملتزمين الجحور...
بلقسام حمدان
العربي الإدريسي
15.12.2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق