قلت ، بعد موافقة المسؤول الأول للمصلحة على طلبي لأكون ضمن الفريق المشرف على
مشروع ضخم وعملاق كان التحضير له جاريا ، حزمت حقائبي و توجهت فورا إلى عين المكان ...
لقد كان بالنسبة لي حظ وشرف أن أكون في ذلك
المشروع والذي أعتبره "مشروع القرن" ، لن يصادفه الشخص أكثر من مرة ، في أحسن الأحوال ، خلال مشواراه المهني...
ومن هناك بدأت جولة مهنية جديدة أكثر إثارة كانت حاسمة في ترسيم نهايتي
المهنية مبكرا . صحيح ذلك المشروع هو الذي ألقى الأضواء الكاشفة على كفاءتي
المهنية و الأخلاقية وفتح لي الممرات المؤدية لمكاتب السلطات العليا وأصبحت معروفا
اسما وشكلا ...
وبفضل ذلك المشروع انتزعت من تلك السلطات اعتراف
رسمي بأني مسؤول بثلاثية الخصائص :
"الكفاءة ، النزاهة و الجدية" . "ولا أعرف أن كان هناك الكثير من
يوجد في ملفاتهم المهنية هذه الخصائص" ...
لكن صحيح أيضا ، تلك الأضواء الكاشفة جعلتني مكشوفا للرماية "الرداءة" .
والمواجهة غير متكافئة بين جانب يلتزم بالأخلاقيات المغروسة في أعماق وجدانه رضعها من ثدي أمه الطاهرة ...
وبين جانب قاعدته الأذى و كل الوسائل لديه
مشروعة للوصول لغايته واستعمال كل الوسائل المحرمة أخلاقيا لتحطيم الخصم مهنيا
واجتماعيا...
لقد كان ذلك المشروع بالنسبة لي مهمة
وظيفية أتلقى من خلالها مرتبا وأيضا كنت اعتبره "شرفا و أمانة" ، كنت أحرص على إتمامها على أحسن وجه لذلك سخرت كل
إمكانيتي الفكرية والبدنية لهذا المشروع و المعلم ...
اسمي منقوشا على كل ملم2 ، من مساحته
المترامية الأطراف والذي لابد من مركبة رباعية الدفع لزيارة كل مساحته ورغم ذلك
كنت أعلم حتى ولو "ذبابة" حطت على حجرة في طرف من أطرافه...
وظيفيا ، كنت المسؤول الثاني في هذا
المشروع لكن عمليا أنا الرجل الأهم ، لأني كنت مسؤولا عن "الكمية و
النوعية"، ولا شيء يمر بدون تأشيرتي وهذين الشيئين (الكمية والنوعية) ، خطا
أحمر بالنسبة لي لا أتذكر إني تسامحت فيهما يوما...
من هنا ، بدأت مواجهتي العنيفة مع الشركة التي
تم اختيارها لانجاز هذا المشروع. مؤسسة لم تكون في مستوى الحدث ، لقد كانت تعاني
من مشاكل خاصة بها ولم تكون تعير اهتمام يليق بهذا الانجاز الضخم . لذلك كانت تحاول تعويض نقائصها
على حساب "الكمية " وخاصة "النوعية"...
مما أدى للدخول معها في خصومة ومشادات
يومية حتى وصلت بها "الوقاحة" رفع ضدي
شكوى إلى جهة عليا . وللحسن الحظ تلك الجهة العليا كانت متفهمة بأن المسألة تقنية و ليست شخصية ...
إن ذلك المشروع كان بالنسبة لي "كلية
تطبيقية" ، لمست بالحس المادي كل النظريات
التي مرت علي خلال مشواري النظري...
لقد كان بجانبي في ذلك المشروع مكتب ألأجنبي
للدراسات الانجازات الضخمة . شخصيا، لم
أكون أرى فرق شاسعا بين معلومات الإطارات الوطنية و ( على
الأقل ) ما يقدمه ذلك المكتب ، سوى
التجربة الطويلة . بمعنى ، عدم الانبهار
كثيرا بكل ما هو أجنبي...
بلقسام حمدان العربي
الإدريسي
04.12.2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق