أكثر ما يؤلم
الإنسان (ذكر أو أنثى) أن يجد نفسه إذا مسه الكبر أو الإعاقة أو الاثنين معا في زاوية الإهمال و النسيان من اقرب الناس إليه
وهم أولاده ، الذي كرس كل جهده العضلي و الفكري لكي يصنع منهم النموذج الذي كان يحلم به...
هناك أمهات فقدن
أزواجهن وهن ما زلن في ريعان الشباب وكان بإمكانهن وبإشارة واحدة منهن أن يتزوجن
ويعدن بناء حياتهن من جديد...
ورغم ذلك يرفضن
حتى مجرد التفكير في ذلك ويكرسن حياتهن في تربية أولادهن ومنهن من يقبلن خدمة في
البيوت وحتى التسول على حواشي الطرقات و صدقات المحسنين بدل الزواج ، حفاظا على مستقبل أولادهن من الضياع النفسي
والاجتماعي ...
والعكس أيضا صحيح
هناك أباء يرفضون إعادة الزواج بعد وفاة أم أولادهم وهم مازالوا في قمة الصحة
والرجولة ويصبحون هم الآباء وفي نفس أمهات أطفالهم لكي لا يضيعون في دهاليز الحياة
ودسائس ومكر زوجات الآباء...
لكن بعد الكبر أو
يمسهم الضر الجسدي أو العقلي يصبح هؤلاء الأبناء ينظرون إلى أبائهم آو أمهاتهم
بأنهم مصدر إزعاج في حياته الأسرية و الاجتماعية ...
ويصبحون يرونهم عاهة مستديمة تقلق راحتهم وهناك
من يسعى للتخلص منهما بأي شكل من الأشكال بحجة أن زوجته غير قادرة أو غير قابلة
على حمل أعبائهما...
وهناك من الزوجات
تصل بهن الوقاحة أن يخيرن أزواجهن بين مكوثهن في البيت آو طرد والده آو والدته .
رغم من وجهة نظري أن الخيار الأول أهون من
طرد أو التفريط في الوالدين ...
ومن يرى الحل في
الخيار الثاني أي طرد والديه بحجة الحفاظ على الاستقرار العائلي يكون قد اصدر على
نفسه حكما مؤجل التنفيذ يقوم بتنفيذه أبنائه في يوم معلوم وبنفس الأسلوب...
والأمثلة كثيرة
متنوعة ومتجددة ، ومن تلك الأمثلة أن في إحدى الأزمنة شخصا أصاب والده الكبر وفقدان البصر
وباقتراح وتحريض اليومي من زوجته اصطحب
يوما ذلك الشخص والده الكفيف بحجة القيام بنزهة. وعلى حاشية احد المرتفعات الشهيقة و
العميقة دفع والده إلى الأسفل متخلصا منه إلى الأبد...
مرت السنين وكبر ذلك الشخص وأصيب بما أصاب والده
أي الكبر و فقدان البصر واقترحت زوجة ابنه نفس الاقتراح وتخلص منه ابنه بنفس
الطريقة التي تخلص بها هو من والده...
وهكذا بقت تلك
السلسة تدور وبنفس الأسلوب إلا أن في إحدى الحلقات احد الأحفاد وهو مصطحب والده إلى نفس المصير بنفس
الحجة أي قيام بنزهة فقال له والده : " نفس النزهة التي
اصطحبت فيها جدك " ...
وهنا توقف ذلك
الشخص و طلب من والده توضيح كلامه ، فقص عليه قصص أجداده كيف كان مصيرهم قاع ذلك
المرتفع الشهيق باقتراح و تحريض من زوجاتهم...
وهنا عاد بوالده إلى
المنزل وخير زوجته بين الاعتناء بوالده حتى يتوفى اجله أو الطلاق فما كان من
الزوجة إلا القبول بالحل الأول أي الاعتناء بوالده وبها قطع ذلك الشخص دابر تلك
العادة الخبيثة أي " العقوق بالوراثة" ...
بلقسام حمدان العربي الإدريسي
19.07.2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق