قد يظن البعض أن لفظ نساء هو نفسه
"نسوة" وعكسه صحيح. شخصيا لي
اعتراض على هذا الاعتقاد وأن لفظ النساء لا ينطبق بالضرورة مع اللفظ الثاني...
لفظان قد يتشابهان في الشكل لكنهما متناقضان و متعاكسان في الجوهر و لا يلتقيان
إلا لكونهما من جنس واحد "أنثى" . بمعنى هناك امرأة "صنف نساء " وامرأة
"صنف نسوة"...
تماما كالرجال، ليس كل الرجال ينتمون إلى صنف
"الرجولة" وليس كل من يلبس "سروالا" رجلا ، بدليل
"السراويل" لم تعد حكرا على الرجال بعد أن أصبح لباس مشترك للجنسين( ولتوضيح ذلك يتطلب موضوعا
آخر) ...
و النساء جمع امرأة، وإذا كانت المرأة نصف
المجتمع فأنا أضيف أنها نصف المجتمع زائد واحد
و لا داعي لتكرار تفاصيل ذلك والكل يعلم مكانة المرأة في المجتمع وخلف كل
انجاز هام أبحث عن امرأة صالحة ساهمت في ذلك مباشرة أو غير مباشر إنجابا أو تربية من قام بذلك الانجاز الهام...
والقاعدة المشهورة وراء كل عظيم أبحث عن امرأة، لكنك عليك البحث عنها في الصنف النساء و ليس في
صنف "النسوة"، لأن وراء كل غارق في أوحال الدنيا أو خلف
"اللومان" اتجه إلى الصنف الثاني لتعرف السبب...
المرأة صنف النساء تبني بيتا و أسرة ومستقبلا
مضيئا من العدم.أما المرأة من صنف الثاني " النسوة"، المتعجرفات الساكنات جزر التنكيد و الانغلاق، يهدمن
بيوتا مشيدة تتوفر على كل مسببات النجاح والحياة السعيدة...
وقد أصنف أمي و جدتي ، رحمهما الله، في صنف النساء .الأولى بدأت حياتها الزوجية من
تحت خط الفقر بزواجها من والدي الذي كان أجيرا،
إذا وجد عملا يوما في الأسبوع فذلك بالنسبة له حظ من السماء...
بيتهما من القصدير طوله أقل من قامة والدي
وعرض والدتي لا يصلح حتى لمبيت "بهائم"، صفائحه لا تقي من مياه الأمطار
أو حرارة الشمس...
بفضل من الله جزاء صبر و إخلاص والدتي للحياة الزوجية تمكن والدي من اجتياز من تحت
خط الفقر إلى فوقه، صحيح لم يصبحا أغنياء
لكنهما وصلا إلى ما هو أفضل من ذلك بكثير ألا وهي القناعة و راحة البال ، بيت أكثر
من محترم يصطحبه "عفاف" و"كفاف" وعائلة بتربية حسنة ...
والعينة الثانية ، جدتي التي عاشت حتى أرذل
العمر وهي تمشي منكبة على وجهها ورغم ذلك
لم تجرؤ يوما على رفع وجهها استحياء و حياء حتى
أمام أولادها و أحفادها ، حتى أنها كانت تستحي تتناول الطعام أمامهم...
يحكي لي والدي أنها كانت ، رحمها الله ، تطبخ
الطعام و الخبز على نبات "الدفلة" والكل يعلم أضرار هذه النبتة على صحة
الناس و بالخصوص العيون ورغم ذلك توفيت ونظرها عشرة على عشرة وحفظها الله من كل
أمراض ما عدا الناتجة عن شيخوختها المتقدمة...
أما "النسوة" اليوم أغلبهن يبدأن
حياتهن ببيت جاهز ومطبخ يحتوي على كل ما توصلت إليه التكنولوجيا من أفران طبخ وطهي
كهربائية و غير كهربائية تشتغل عن بعد و باللمس و رغم ذلك تجبر زوجها أو أولادها
على الوقوف في طوابير الخبازين وغير الخبازين ...
أما هي فلا تجد حرجا في تناول وجبات السريعة في
الأسواق و على حواشي الطرقات وقص تفاصيل حياتها الخصوصية بواسطة هاتفها النقال في
وسائل النقل العمومي أو في الطرقات...
"نسوة" منهن من يفقدن بيوتهن بسبب
"تعجرف" و "الغطرسة " و"الأوهام" و لا يدركن ذلك إلا
بعد فوات الآن ، بعد أن يتخذ شريك حياتها
قرارا بأن ينهي هذه الشراكة و البحث عن امرأة أخرى تكون من صنف "النساء"
، هذا إذ وجدها ، في
عصر "تخلطت" أصناف "النسوة" و النساء ، تماما كما هو الحال بالنسبة لأصناف الرجال و "الرجولة" ...
حمدان العربي الإدريسي
05.102104
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق