أسدا ، وهو في بداية مشواره الميداني والخروج
من وصاية و حماية والديه ، وصته أمه بأنه عليه الحذر فقط من "ابن
المرأة" أما المخلوقات الأخرى فهو سيدها ...
أحتار ذلك الأسد من هذه الوصية وأراد معرفة
هذا الكائن "ابن المرأة" التي حذرته منه أمه . وهو ماشي في البراري بحثا
عنه صادفه "بعيرا" فقال بينه
وبين نفسه شكله وحجمه يدلان أنه هو "ابن المرأة"...
سأله ، هل أنت هو "ابن المرأة" ، "قههه" ذلك البعير طويلا قبل أن يرد عليه ، قائلا : "يا ليت كنت كذلك" ،
مضيفا له، أنه مجرد عبدا عنده أبرك أرضا ليمتطي ظهري هو وأثقاله وأقطع به الصحاري و البراري حرا أو بردا بدون أن يحق لي
اعتراض أو احتجاج، وعندما يريد ينحرني نحرا ويجعل مني غداءا لولائمه وموائده...
واصل سيره
فصادفه ثورا ضخما ظن أنه هو "ابن المرأة" ،" قههه " ذلك الثور ة ورد
عليه "ابن المرأة" ، يستخدمني في الحرث و الجر من ظلام الفجر إلى ظلام
الليل ، مضيفا له وعندما أكبر أو أعجز يبيعوني في الأسواق للجزارين ليفصل رأسي عن جسدي وأباع "قطعا" "قطعا"...
أزداد ذلك الأسد غيظا ، كيف يمكن أن تكون صفة
هذا "ابن المرأة" وبعير وثور بحجمها
وضخامتها مجرد خادمان يستعملهما ثم ينحرهما نحرا...
وهو مارا على الغابة في مسيرة بحثه صادفه
شخصا ضعيف البنية فوق شجرة يقطع أغصانها بواسطة ساطورا ناداه ذلك الأسد من
الأسفل إن كان رأى أو يعرف مكان تواجد "ابن المرأة" (لأنه لم يتخيل أو
يتصور أن كائن بذلك الحجم هو نفسه "ابن المرأة")...
رد
عليه ذلك الشخص بالإيجاب طالبا منه الاقتراب ليهمس في أذنه عن مكانه " ، عندما مدد ذلك الأسد رأسه لأعلى وإذ بذلك الشخص عالجه بضربة "ساطورية" انفصل مخه عن
دماغه...
هي قصة تراثية ، وكما تم شرحه سابقا، التراث
هو مزيج من الواقع و الخيال، افترضي سردا
لكنه ملموسا في الواقع . لأن الحيوانات لم تنطق يوما ، خلقها الله خرساء و ستبقى
كذلك للأبد ، لو رأى الله فيها خيرا لأنطقها ووهبها عقلا و بصيرة ..
لكن إذا أخذنا القصة من منظار الواقع فهي
حقيقية ، لأن الله عز وجل خلق الإنسان ضمن كائنات أخرى وهذا الأخير هو أضعف بنية
من كثير من تلك الكائنات لكنه ، أي الإنسان ، هو سيدهم جميعا وتلك الكائنات تأتمر بأمره وتخضع لأوامره والسبب
أن الله ، عز وجل، خص الإنسان بخاصية العقل حرمت منه تلك الكائنات التي تشارك وجوده في الكون
ولم ينفعها ضخامة أجسماها وبنيتها لكي تقرر مصيرها ...
نفس الشيء ينطبق على الإنسان، كفرد أو أمم، الذي لم يستعمل عقله وأصبح خاضعا للإنسان آخر
رغم أنهما الاثنين "أبناء المرأة"...
والأمثلة على ذلك كثيرة ومتنوعة، فعلى سبيل
المثال لا الحصر، الإنسان الغربي هو "ابن المرأة" مثله مثل الإنسان في
أي بقعة من الأرض فالأول أستغل العقل و طوره علميا، طبيا ، صناعيا مدنيا أو
عسكريا...
فأصبح بذلك السيد العالم يقابله إنسان في بقع
أخرى نسى أنه "ابن المرأة" ونسى أن له عقلا مثله مثل الأول و أصبح مجرد مستهلك لما ينتجه عقل "ابن
المرأة" الآخر. وهذا الأخير هو من حذرت منه "اللبوة" (أنثى الأسد) ابنها ...
بلقسام حمدان العربي الإدريسي
11.10.2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق