في الحقيقة شخصيا لا أعلم إن هناك في بقاع
الأرض كلها تجار في مستوى التجار الذين هم
في محيط علمي ومعرفتي بهم ...
تجار ، على حسب تقديري الذي يشاطرني فيه
الواقع على الأرض، تخطوا حاجز خيانة الأسواق ( موضوع سابق) وصلوا بامتياز إلى مرتبة "فجار الأسواق"
...
تجار
حولوا الأعياد و المناسبات السعيدة إلى أيام غبن على فئات واسعة من الناس و
بالخصوص الطبقات الكادحة صاحبة المرتبات الشهرية ، تجارا لم يتركوا لهم أي متنفس يمكن من خلاله الاستمتاع بهذه
المناسبات إن كانت دينية أو عامة وتصبح تلك المناسبة عبء على كاهل تلك الفئات
الواسعة ...
وهنا الكلام لا يخص الكماليات ، كما يظن
البعض ، وإنما كل البضائع حتى الأساسية منها والتي لا يمكن الاستغناء عنها كمثلا
مادة "البطاطس"...
ويسأل سائل ما علاقة هذه المادة بعيد الأضحى
وما علاقتها بالعرض و الطلب كما يريد بعض هؤلاء تبرير فعلهم ، وهو عذر أقبح من
الذنب نفسه...
لو كان الكلام على مادة أو اثنين يمكن قبول
ها العذر لكن أثمان كل المواد تتغير عشية
هذه المناسبات بنسب فوق المائة بالمائة
فهذا دليل على منهجية و"استغوال" هؤلاء التجار ...
تجار وجدوا أنفسهم لاعبين وحيدين في الميدان
متحكمين في مخارج ومداخل الأسواق . رغم ، وللأمانة المسؤولية لا يتحملها هؤلاء
التجار لوحدهم بل القسط الأكبر من هذه المسؤولية هي على عاتق الزبون نفسه الذي
يجهل أنه من المفروض أن يكون هو الرقم
الرئيسي في عملية البيع و الشراء ...
وأن ذلك التاجر مجرد خادم يقبض ثمن على حسب
وقيمة ما يقدم وبالثمن الحقيقي وليس على هواه ، و لا يمكن تصور تاجر بدون زبائن لأن عليه في
هذه الحالة البحث على مهنة أخرى أو التسول
على أبواب الأسواق بدل احتكارها...
زبون ، على الأقل في المحيط الذي
ذكرته، هو الذي أصبح المتسول عند ذلك التاجر وأصبح يراه التاجر عبارة عن كيس دراهم لا أكثر و لا أقل...
ذلك التاجر أصبح لا يهتم حتى بالنوعية ويبع لذلك الزبون "الخانع "مواد ثلاثة أرباعها أتربة و "حثالة" ( déchets)، والأكثر من ذلك لا يمكنه حتى من رؤية الميزان
المركون في جهة لا يراه إلا هو (التاجر)...
وقد كانت لي قصصا كثيرة مع هؤلاء التجار
بخصوص رؤية الميزان (هذا إذا كان صالحا للاستعمال أصلا)، وقد كنت أطلب منهم ، مقابل عدم رؤيتي للميزان، عدم رؤيتهم المبلغ الذي سأدفعه لهم...
لكن نصحني بعض الأصدقاء قائلين لي بأنك
الوحيد الذي تفعل ذلك فتصبح أنت المشكل ،
لأن العيب إذا عم أصبح تضاده هو العيب
نفسه. لذلك هاجرت الأسواق إلا نادرا وفي
حالات استثنائية جدا...
المختصر المفيد ، أن هناك عاملين رئيسين (على الأقل حسب تقديري) ، لعبا دورا في هذه
الوضعية ، أولاها أن التجارة تحولت من مهنة لها قوانينها و أصحابها إلى مرتعا يقصده كل لم يجد عملا أو متربصا للحصول
على المال من أقصر الطرق مثله مثل تماما لص المتربص بجيوب الناس في الأسواق ...
ثانيا ، غياب الزبون ويمكن لهذا الأخير
الواعي أن يقلب الكفة ويصبح هو المتحكم في كل مفاصل الأسواق ويصبحون هؤلاء التجار يتفاوتون على كسب وده و رضاه وينسون تلك
الزيادات الفاحشة ، ظلما و عدوانا، مع اقتراب كل مناسبة ...
حمدان العربي الإدريسي
03.10.2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق