هناك أولياء أمور
، في مدى علمي و معرفتي، منغرسة في أعماقهم عقدة تسمى "عدم التكافؤ" ، وهي
سبب و حجة يصرفون عن بناتهم شبانا يتقدمون لطلب أياديهن...
لتصيب أغلبية
هؤلاء الشبان الذين يقصدون البيوت من أبوابها بدل "نوافذها" صدمة
نفسانية وهم يستمعون لذلك الرد "الاستعلائي" (من الاستعلاء)، في "غلاف دبلوماسي" من والد الفتاة
وهو يقول : "يا بني، لقد تحريت عليك
ولم اسمع عنك إلا كل خير... لكن ، هناك عدم تكافؤ بينكما ولهذا أتأسف بعدم
قبولك زوجا لابنتي..."...
وعدم التكافؤ بالنسبة
لمثل هؤلاء الأولياء وهو أن هناك تباين في مستوى ابنتهم مع مستوى الشاب المتقدم
لخطبتها رغم أن في غالب الأحيان كانا زملاء في الجامعة أو في العمل ...
بمعنى ، أن للفتاة
فكرة عن ذلك الشاب تتطابق مع أفكارها و إلا لما شجعته على طلب يدها من أهلها.
وهؤلاء الأولياء الذين لهم حق "الفيتو" على قرار أبنائهم (ذكرا أم أنثى)
، يستعملونه في أغلب الأحيان "تعسفا" و "استعلاء"، ربما تنفيسا لعقدة تلازمهم ...
حتى أصبح الاختلاف
في الشهادات يدخل ضمن "عدم التكافؤ" (وهذه حالات واقعية) . بمعنى ، إذا كان الشاب
جامعي والفتاة واصلت مشوارها ما بعد الجامعة فذلك يعني لهؤلاء الأولياء "عدم
التكافؤ" ...
يعني ، إذا أراد ذلك الشاب الوصول إلى المبتغى عليه مواصلة
مشواره التعليمي أو البحث عن فتاة أخرى تكون في نفس مستواه التعليمي أو أقل...
إن التباين في
المستوى الاجتماعي أو العلمي ليس عائقا
أمام شابين لبناء حياة زوجية ربما تكون أسعد وانجح من زواج المادة و المصلحة حتى
ولو كانا الزوجين في نفس الطبقة الاجتماعية و العلمية ...
إن هذه الحجة
المستعملة من طرف هؤلاء الأولياء في تصريف شبان يرون في بناتهم فتيات أحلامهم ، هي حجة "حق يراد به باطل"...
بمعنى ، عدم التكافؤ لا يمكن له أن يتعدى الجانب
الأخلاقي و أولياء الأمور لهم الحق و
الواجب بعدم القبول بأن ترتبط بناتهم بأشخاص يحملون مؤهلات الإجرام أو خريجي السجون . من غير ذلك كل : المال والثروة و الشهادات والألقاب والمناصب، أشياء نسبية قابلة للحصول
عليها كما هي قابلة للاختفاء و الفناء...
قلت ، "حق
يراد به باطل" ، لأن هؤلاء الأولياء ينسون كل تلك الشروط و المبادئ لو تقدم شابا آخر حتى لو كان
في مرحلة متقدمة من "الكهولة" يحمل شهادات عليا في "الأمية " و "الجهل " ...
وبما أنه صاحب ثروة
و مال وسيارة من آخر طراز تتوقف عند بابهم يوم الخطوبة فالرد عليه يكون عكس ما قيل
لذلك الشاب المثقف الخجول الذي استعمل الحافلة أو سيارة أجرة للوصول إليهم...
رغم أن الحياة
الزوجية ليست بناء جاهز يحصل عليه الزوجين من وكالات عقارية، وإنما هو مشروع بناء يبدأ بالتخطيط الهندسي وتهيئة أرض البناء
وبداية البناء "حجرة"
"حجرة" و "طابقا" "طابقا" " ، وكل زوجين حسب إمكانيتهما و ظروفهما ، هناك
من يستطيعان بناء عدة طوابق ومنهما من لا
يستطيعان حتى إتمام الغطاء طابق أرضي...
أما الأولياء الذين
يريدون الطوابق الجاهزة لبناتهم عليهم الإدراك والتبصر إن مثل هكذا
بنايات تكون في الأساس مغشوشة سقوطها يكون
في أول هزة مهما كان مقياسها...
وأنصح مثل هؤلاء
الأولياء أن يتخلصوا من هذه العقدة "المشينة" ودورهم يقتصر على إعطاء
النصائح لبناتهم أو أولادهم وليس استعمال
"الفيتو" على كل قرار يتخذونه خاصة إذا كان هؤلاء الأولاد تجاوزوا سن
المراهقة...
إن مثل هذه العقد واستعمال هذه الحواجز ستجعل من الشبان التفكير في الدخول البيوت من
نوافذها بدل أبوابها أو التفكير في استيراد الزوجات مثل استيراد "الموز"
...
لأن العصر عصر "عولمة" وكل شيء قابل للاستيراد . وتبقى بناتنا ينتظرن على
شرفات المنازل وكل طارق الباب ، حتى الساعي البريد ، يظنن أنه عريس يحمل مواصفات المدونة
في الشروط أولياهن...
بلقسام حمدان العربي الإدريسي
17.10.2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق