"مجموعة أهم الاحداث" : " كاد المعلم أن يكون رسولا" ، قالها
أمير الشعراء ، أحمد شوقي ، و تعبر بصدق عن مكانة المعلم والمرتبة التي كاد أن يصل
إليها . معلم ، بيده مفاتيح النفس و العقل لإخراجهما من ظلمات الجهل إلى نور العلم و المعرفة والتحضر
و التمدن ...
فعلا
كاد المعلمون أن يكونوا في مرتبة الرسل
الذين أختارهم الله عز و جل من بين عباده محمل إياهم رسائله لعباده ليبينوا لهم طرق التقوى والرشاد و الخروج الآمن من الحياة
الدنيا إلى حياتين لا ثالث لهما ، إما الفوز الأبدي أو الهلاك الأزلي ...
كذلك المعلم حامل رسالة التعليم و الثقافة ، ركيزتان أساسيتان
لبناء مجتمعات يكون مستقبلها (المجتمعات)
مرهون بفحوى تلك الرسالة واستقامة حاملها ...
وإذا كانت الرسل تحمل رسائل ربانية لتوحيد
واجتناب الموبقات والتعريف الفرد بقيمته الروحية و المادية ...ولولا تلك الرسل لما
عرف الإنسان مصدره ومهامه في الحياة الدنيا وما ينتظره في الحياة الأخرى...
تماما ، لولا المعلم لما عرف الإنسان القراءة
و الكتابة وبالتالي لما استطاع الاطلاع والفهم ما جاء في تلك الكتب السماوية
وتطبيق ما جاء فيها . بالمعنى أوضح ، المعلم هو من يعبد الطريق وتعليمها بمعالم توضح للمارة على تلك المسالك المطبات و الحفر لكي
لا يقعوا فيها ...
لكن القصة من الواقع التي سأذكرها،ربما
ستعطي وجها آخر للمعلم من غير الوجه الذي كاد بموجبه أن يصل إلى مرتبة الرسل...
القصة ، التي حدثت في وقت غير بعيد ، أن أهالي
إحدى القرى تعرضوا إلى اعتداء من طرف مجموعة كبيرة على شكل "بلطجية" يقودهم
أفرادا لانتقام و تأديب هؤلاء الأهالي بعد
أن تجرؤوا وابلغوا السلطات عن تجاوزات قام هؤلاء الأشخاص في حق الملك العام ، ولم
يتم إنقاذهم من الهلاك إلا بعد وصول قوات
كبيرة من قوات الأمن ...
وقد أصيب الكثير من هؤلاء الضحايا هم وأفراد
من عائلتهم بإصابات و جروح ، بعضها بليغة ، تتطلب الأمر نقلهم إلى المستشفى والبقاء تحت
المراقبة الطبية لبعض الوقت...
حتى الآن قد يبدو الأمر عام ... لكن الخصوصية في الأمر أن من بين هؤلاء الأشخاص
الذين كانوا يقودون في المجموعة المهاجمة "معلم" ينتمي إلى سلك التعليم و التربية وأحد الضحايا
كان تلميذه...
بالتأكيد سيقف لاحقا المعلم و تلميذه أمام
القاضي ، بعد استكمال كل التحقيقات و الإجراءات القانونية ، وبالتأكيد أيضا سيسأل
القاضي الجاني عن مهنته وبالطبع سيكون رده "معلما"...
وربما يضيف له أن أحد ضحاياه كان "تلميذه"
كان يلقنه العلم والثقافة وقيم الأخلاق
وأن لا يأخذ المرء القانون بيده ولا يعتدي على الناس ظلما و انتقاما ويسبب لهم إصابات
و عاهات قد تكون مستديمة... وأن المعلم الذي كاد أن يصل إلى مرتبة الرسل أن لا
"يصبح بلطجيا"...
حمدان العربي الإدريسي
24.08.2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق