الشعوب العربية ،
لا أحد ينكر ،أو على الأقل إثبات العكس ، أنها أي الشعوب ليس لها أي رابط حب أو
مودة اتجاه حكامها ، على الأقل في المدى الماضي المنظور...
والأسباب معروفة ويكون تضييعا للوقت لتكرارها كلها .
والحكام لا يعني فقط رؤوس الأنظمة و إنما كل من له قسط من المسؤولية مهما قلت أو
ارتفعت درجاتها…
المسؤولية أصبحت بمفهوم من يتولاها في الأوطان
العربية "التسلط" وتعميم الظلم حتى أصبح هو العدل على القاعدة
"العدل إذا عم فهو العدل و الظلم إذا عم هو أيضا العدل"...
وانتفاضة التي عرفتها بعض البلدان العربية مؤخرا
المسماة ب "الربيع العربي" أعطت أملا واسعا لهذه الشعوب في التغيير
الجذري السليم وإعادة بناء الأوطان على أسس ديمقراطية وتعميم العدل ليصبح القاعدة
و الظلم استثناءا نادرا...
لكن ، يظهر أن هذا الربيع في غير موسمه وأن الخريف
الماضي قد يكون رغم سواده أحسن بكثير من هذا الربيع وليكتشف هذا المواطن أن
هذه الأنظمة لها من جذور بكذا عمق لا يمكن اقتلاعها وبكذا سهولة حتى لو جيء بكل
فصول الربيع التي مرت على كوكب الأرض منذ نشأته الأولى إلى نهايته الأخيرة...
والدليل على هذا الكلام ، ما هو حاصل في
البلدان التي مر عليها هذا الربيع . صحيح في بعض البلدان تم إسقاط رؤوس
الأنظمة منها من نكل بها وتم دفنها في قبور مجهولة لا يعلم بها حتى
"الغربان" ، على غرار غراب قابيل و هابيل ، ومنها من هي هاربة
(الرؤوس) تبحث عن ملاجئ ومنها تعاني من بهدلة "اللومان" ...
لكن هل استوت الأوضاع في تلك البلدان ، الواقع يقول
عكس ذلك وليس هناك أي بوادر بأن التغيير إلى الأحسن قادم على الأقل في القريب
العاجل …
في تلك البلدان التي مر عليها "الربيع" ، حتى رأس
النظام نفسه ، ليس في مأمن ، يحصن قصره
بعشرات الكتل الإسمنتية فكيف يمكن له توفير ملايين الكتل الإسمنتية لتحصين بيوت
المواطنين في أرجاء البلد الذي هو المسؤول عن أمنهم وحياتهم ...
وفي بلد آخر ، مرت عليه أيضا نسمة "الربيع"
، القوانين أصبحت تقرها مليشيات
بقوة الحصار و السلاح ولكل مليشية قوانينها ومناطقها بل ومحاكمها ...
بلدان كان فيها شرطي واحد في أقصى طرف الشارع
يكفي لترى النظام يمشي لوحده . لأن ، كما تم ذكره في إحدى المواضيع السابقة ،
الناس في الأوطان العربية صنفين لا ثالث لهما ...
صنف "ظالمون" ، في حالة رفع ترفعهم ضمائر
السلطة و الجاه والمال . يقابلهم صنف "ظالمين" ، رغم أنهم في حالة نصب
أو جر ، ومع ذلك يظلمون الناس و أنفسهم ، وأعطيت عدة أمثلة لا داعي أيضا
لإعادة لتكرارها ...
وفي موضوع أخر ، تم تحليل نفسية هذه الشعوب خلاصته أن
معظم هذه الشعوب تلازمها عقدة "الخوف" بدل "الحياء" ...
ومن المعروف أن الخوف يزول مع الوقت عندما يجتاز الإنسان
مرحلة معينة يحس بعدها أن أسباب ذلك الخوف قد زالت فيصبح عدوانيا شرسا في معاملته
مع الآخرين و المحيط محبا للانتقام من تلك السنين الذي كان فيها مطاطا الرأس مقيد
بالرعب و الخوف...
ربما السبب راجع لتلك السنين الطويلة الذي كان
"مكبوتا" فاقد فيها حرية التعبير لم يعرف فيها إلا ذلك الشرطي الواقف
بصرامة وعصاه الغليظة...
بالمختصر المفيد ، لسان حال الكثير من الشعوب العربية أصبح " اتركوا لنا طغاتنا و لا تحرقوا
أوطاننا" وفصول خريف باردة ولا رياح ربيع حارقة ...
بلقسام حمدان
العربي الإدريسي
28.06.2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق