"من بعدي الطوفان" أو "من بعدي نهاية العالم" ، قاعدتان
بوجه واحد ، المؤمن بهما يرى أن لا حياة من بعده وأن كل شيء يزول بنهايته و
زواله. بمعنى لا يهم ماذا سيكون الحال من بعده ...
تماما ، كتلك القصة
التراثية لذلك الذئب الذي قيل له أن ثمن ما يفعله الوالدين تدفعه ذريتهما.
لكن بعد وقوعه في المصيدة في اليوم التالي علم أن هو نفسه يدفع ما فعله والديه...
ويبدو أن هذه القاعدة
"من بعدي الطوفان" مستعملة كثيرا في أنظمة الحكم الشمولي . و
الحاكم و المسؤول لا يهمه كيف يترك (مجبرا) حال ذلك البلد ...
لأن
ببساطة ربط مصير البلد بمصيره و لا يرى مستقبلا له (البلد) إلا بوجوده على رأس
الحكم مستنسخا طريقة جديدة ألا وهي "الجمهوريات الوراثية" . بمعنى نظام
جمهوري في الدساتير و المواثيق ووراثي في التطبيق و الممارسة.
وإذا نظرنا ما يحصل في
الأنظمة (ملكية أو جمهورية) التي تطبق بشكل صحيح الديمقراطية وتنبذ نبذا كاملا تلك
النظرية المشؤومة ، المشار إليها سلفا ، أين نقد صغيرا على صفحة جرائد أو
احتجاجا محدودا في حي من الأحياء ( ولا نقول مدينة) ، يؤدي ذالك النقد إلى
الاستقالات في هرم السلطة و مساءلات في البرلمانات...
وإذا وقع حادثا مهما
كان حجمه ونتج عنه خسائر في الأرواح أو العتاد . كخروج قطار عن سكته
أو سقوط طائرة أو غرق عبارة على متنها عباد ، فتكون طامة كبرى للمسؤول المباشر وما
فوقه ربما تصل حتى الرئيس نفسه وفي كثير من الأحيان يكون مجبرا على تقديم استقالته
، هذا إذا نجا من المساءلة القانونية.
أما في الأنظمة
الشمولية فدك المدن بالأسلحة الثقيلة برا
وجوا وهدم البنيات على رؤوس ساكنيها ونحر العباد وهتك أعراضهم فذلك من ابسط الأمور
لا تستحق حتى عقد جلسة في البرلمان ...
بمعنى أوضح ، المسؤول
لا يغادر منصبه إلا على ظهر مركبة برمائية مصنوعة من جماجم بشرية وهياكلهم العظمية
لا تسبح (المراكب) إلا فوق أمواج الدماء و الدموع .
إن ما يحصل في سوريا
الشقيقة و من قبلها ليبيا و من قبلها اليمن...(والحبل على الجرار) ، تطبيقا بأتم
المعنى الكلمة والحرفي لمقولة "من بعدي الطوفان"...
بلقسام حمدان العربي
الإدريسي
01.08.2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق