"مجموعة أهم الأحداث" : هناك مقولة شعبية عامية " الزلط و التفرعين" ، بسيطة في تركيبتها ونطقها لكنها عميقة في دلالتها ومعناها . و"الزلط" معناه الفقر صاحبه عائم فيه حتى أذنيه ومع ذالك فهو "متفرعن" ، ينظر للآخرين بعين الاحتقار و الاستكبار مما يحرم نفسه ،ربما، من عطف و مساعدة الاجتماعية و المادية من طرف المحيطين به ، "بمعنى امرؤ لا يعرف قدره" .
وقد وجدت أوجه تشابه كثيرة ربما متطابقة تماما بين هذه المقولة الشعبية وما هو حاصل للأمة (العربية- الإسلامية). وليس سرا أو ذما أن هذه الأمة تعيش في نصف فصل خريف طويل لا يعرف كم يدوم بعده فصل شتاء بلياليه أيضا الطويلة المظلمة لا يعرف هو أيضا كم يدوم ليترك المجال للفصل الربيع طال انتظاره ولا يعرف بعد إن كان سيأتي أم لا.
هذه الأمة هي تعيش اقتصاديا ، صناعيا ، طبيا ، علميا وتكنولوجيا ...حتى زراعيا ،بمعنى ما تأكله آتي من الدول الغربية (وبمعنى الشائع الدول الكافرة). حتى أصبح المرء عندما يسمع بنيران أو حرائق مشتعلة أو فيضانات يتساءل أن لا يكون ذالك حصل في مزارع روسيا أو الولايات المتحدة أو كندا....
و يتساءل أيضا إذا كانت من الحكمة أن يكثر من الدعاء لحفظ روسيا من الحرائق و الولايات المتحدة و جيرانها من الفيضانات .. ليس حبا أو إكراما لهم وإنما لكي يبقى ذالك الرغيف ، الذي يعتبر آخر خط يحمي البطون من آهات وعذابات الجوع ، في متناول الجيوب ولكي لا يزداد الطابور طولا أمام المخابز...
الأكثر من ذالك ، حتى الثروات التي وهبها الله لهذه الأمة من اجل استخراجها و استغلالها تحتاج إلى خبرة و عقول هؤلاء "الكفرة الأعداء" الواجب مقاطعتهم على حسب من نصبوا أنفسهم وكلاء عنها (عن الأمة) ، ويدعون جهرا و بلا هوادة إلى مقاطعة بل و معاداة كل ما هو غير مسلم وعدم المعاملة معهم في شتى الميدان .
بل حتى عدم إلقاء عليهم السلام حتى ولو كان جارك في المسكن أو زميلا في العمل .الأدهى كل من ذالك ،حتى لو كنت ضيفا عنده في بلده موفرا لك سبل العيش و الحماية . ويبدون للآخرين نصائح مستشهدين بآيات قرآنية ، الفقهاء و العلماء وأهل العلم مازالوا مختلفين في تفسيرها ...
أكثر من ذالك ، "نصائحهم" لا تقتصر فقط في ميدان الدين ، ربما يكون لهم في ذالك نصيب من الحق ومعلوماتهم قد تكون أكثر دقة من الآخرين ، لكن تلك التدخلات تمتد حتى في أفكار الآخرين تتجاوز إلى أمور بعيدة عن الدين ، فمثلا تأتيك "نصيحة" بان مقالاتك السياسية والاجتماعية لغتها إنسانية ؟ وبالتالي هي لغة "ماسونية" أو لغة "المستشرقين" .... ويطلب منك بكل "وقاحة" تغيير تلك اللغة أو مصيرك جهنم و بئس المصير.
تماما كما كانت تفعل الكنيسة في قرون غابرة وكيف كانت تستهزئ بالناس و بعقولهم والتدخل في شؤونهم الخاصة باسم الدين وتعطي لمن ترضى عنهم قرارات دخول الجنة أو بما كان يعرف "صكوك الغفران" و لمن لا ترضى عنهم توعدهم بجهنم والأدنى من جهنم ...
إذا كان التخاطب من هؤلاء بهذه الطريقة مع مسلم فما بالك مع غير مسلم . وكما هو معروف ، أعداء الإسلام ينقسمون إلى قسمين رئيسين : قسم عداوتهم مع الإسلام عقائدية و بالفطرة وتتداخل فيها بما يسمى صراع الحضارات و غير ذالك...
وقسم آخر عداوتهم للإسلام نتيجة تصرفات هؤلاء من أمثال "أبو محمد" ؟ الذين نصبوا أنفسهم وكلاء عن الدين والعباد . رغم أن ما يعرف عن الدين الإسلام هو التسامح و المعاملة الحسنة مع الآخرين ، مع عدم التفريط في حدود الله والدفاع عن تلك الحدود وعن الأعراض والأوطان .
وبهذه المعاملة الحسنة والصفات الحميدة و التواضع في التعامل مع الآخرين ،تمكن الدين الإسلامي من الوصول إلى بقاع بعيدة من أرض الله الواسعة بدون غزوات . فلنفرض لو تم تطبيق قاعدة "المقاطعة" عن كل من هو غير مسلم و على طريقة " أبو محمد" ،كيف يمكن لهذا الدين أن يصل إلى ما وصل إليه إلى تلك البقع من كوكب الأرض ...
لذالك لابد أن يترك أمر النصيحة والتخاطب مع الآخرين للعلماء و المفكرين وأصحاب الحكمة علما ،عقلا ونضوجا ،وليس من هب ودب يتولى ذالك، وإلا فصول الخريف و الشتاء ستطول على الأمة أكثر من اللازم...
حمدان العربي الإدريسي
13.06.2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق