في كثير من الأوقات أجد نفسي تسال نفسها سؤال ،يبدو عجيبا : كم
يوجد من إسلام ؟ أهو إسلام واحد المتعارف عليه أم لكل واحد إسلامه الخاص به
يطبقه على حسب مواصفاته وفهمه...
هذا
السؤال يكثر تداوله بين نفسي و نفسها في خضم الشوائب المتزايدة بين أهل هذا الدين
العظيم الذي يبدو انه ليس بين أيادي على مستوى عظمته...
هذا الإسلام ركائزه معروفة و ثابتة : الدين – العلم – العمل ،
وأي تفريط في ركيزة من هذه الركائز الثلاثة يصبح إسلاما ناقصا..
بمعنى ، إذا تم التركيز على الشرائع الدينية وإهمال الركائز الأخرى
فتصبح تلك الأمة كالحائط "الواطي" يصبح كل من هب ودب القفز عليه
وتصبح تلك الأمة لا أحد يعيرها أدنى اهتمام ،كما هو حاصل الآن ...
وإذا
تم التركيز على الركائز الأخرى وأهملت ركيزة الدين تصبح تلك الأمة كالجسد
بدون روح كما هو حاصل للأمم العالم الغربي...
رغم ما توصلوا إليه علميا و
في ميدان العمل إلا أنهم يعانون من فراغ روحي رهيب رغم كل ما يملكون من تلك
الطاقة في مجال الإبداع والتطور إلا أنهم "كالأعمى" في الظلام الدامس. كان
يمكن لهم أن يكونوا أحسن حالا بكثير لو أنهم اهتموا بالدين...
أما
عن الأمة الإسلامية ، موضوع السؤال المحير بين نفسي و نفسها ، يظهر من تصرفات
المنتسبين له ( للإسلام ) حتى الركيزة الدينية
تشوبها علامات تعجب و استفهام يتبعه السؤال المحير هل أحنا نتكلم
عن إسلام واحد ؟ ...
وأصبح المرء يلاحظ بتعجب كيف هؤلاء أهل الغرب الذين ابتعدوا عن الدين
يطبقون بطرق غير مباشرة وبدون أن يعلنوا عن ذلك بصراحة في تعاليم الإسلام
بحذافيرها...
قد يقول القائل أن الدين علاقة خاصة بين الإنسان وربه والله
وحده عالم بصدقه من عدمه ، مضبوط وكلام صحيح . لكن أيضا الدين معاملة بين
الإنسان و الإنسان والمجتمع ...
وإذا أخذنا أمثلة متداولة وشائعة في مجتمعات إسلامية و قارنها
في مجتمعات غير إسلامية توضح لنا الصورة أكثر أن هؤلاء يطبقون فعلا في تعاليم
الإسلام بدون أن يعترفوا به علنا...
على سبيل المثال لا الحصر ، عندهم الغش في التجارة و الأسواق من
كبرياء الأمور لا يمكن التسامح و التساهل معها أما في المجتمعات العربية –
الإسلامية ،على الأقل حسب علمي ومنظوري، فهو شيء عادي حتى يتخيل للمرء أنه مقنن...
وتجد هؤلاء التجار في المساجد خاشعين (على الأقل ظاهريا) منصتين
بعيون دامعة للإمام وهو يقول ويكرر في الحكم الشرعي في الغش و
الاحتكار...
حتى منهم (أي من هؤلاء التجار) من يطمع في عشر الأواخر من شهر
المبارك نيل بركات ليلة القدر المباركة ، وهو الذي حرم المسلم "غشا واحتكارا
ورفع الأسعار بدون وجه حق "طيلة شهر رمضان المبارك وجعل أيامه
"ضنكه" في هذا الشهر الكريم...
الأخطر كل من ذلك ، كل تعاليم الإسلام الواضحة وضوح الشمس في أعز
الصيف لا تردع ذلك التاجر المدعى ظلما وعدوانا أنه ينتمي لهذا الدين ...
ومن أجل كسب المال يتاجر حتى
في صحة الناس ببيع مواد مغشوشة أو منتهية الصلاحية غير صالحة للاستهلاك عمدا
وهو يعلم بذلك ، بدون التكلم عن الميزان ومصائب "الكيل و الميزان"...
التاجر ، الذي يسقي ،نهارا جهرا ، مزروعاته
الفلاحية و التي يستهلكها مباشرة الإنسان بمياه القذرة مصدرها قنوات
الصرف الصحي وفضلات المستشفيات والمراكز الصحية (والكل يعلم ما تحمله تلك الفضلات
وما تسببه أيضا للإنسان أقلها أفتك أنواع السرطان)...
لو حدث هذا الفعل في بلاد من
بلدان الغرب ، لا تنتمي للإسلام ، لأنقلبت الدنيا رأسا على عقب. الغريب
في الأمر صاحب هذه الجريمة ضد الإنسانية (وشركائه الذين غضوا عنه الطرف مقابل ما
يقدمه تحت الطاولة )...
يؤدي في نفس السنة فريضة الحج من أموال مصدرها مبيعات تلك المحاصيل
الزراعية ، يعلم الله وحده كم إنسان وطفل ورضيع وامرأة يعانون من
أمراضها السرطانية ، هذا إذا كانوا
مازالوا على قيد الحياة...
معتقدا أنه صفى حساباته بمجرد أدائه فريضة الحج ، متصورا أن
الحج حماما تغسل فيه ذنوبه مثل غسل "أوساخ" جسمه...
أما إذا تطرقنا إلى أمور تفصيلية لكل الشوائب قد تعجز
الأقلام عن سردها بالكامل حتى لو كان حبرها وديان مدعومة من البحار ، أقلها
المعاملة واحترام الغير وعدم إيذائهم معنويا وماديا ونكس عليهم حياتهم حتى في
بيوتهم فما بالك في الشارع والأماكن الأخرى ...
بلقسام حمدان العربي الإدريسي
23.06.2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق