في الحقيقة ، ما انتهيت من مشاهدة شريط فيديو ، معروض على وسائل التواصل
الاجتماعي من رجل تسلم جثمان ابنه من مستشفى عمومي ، المتوفى لحظة ولادته ، داخل "علبة كرتون"...
قلت ما انتهيت من مشاهدة الشريط ، حتى نطقت بشكل لا إرادي " شكرا" .بطبيعة الحال ، الشكر ليس تشفي ، معاذ الله ، في ذلك الرجل المسكين المُصاب مرتين ...
مرة في عدم الفرح بمولود الذي كان
ينتظر في قدومه بفارغ الصبر، خاصة إذا كان
هذا هو أول أولاده. ومرة وهو يتلقى في تلك
الاهانة المعنوية الحادة وهو يتسلم جثمان ابنه ملفوفا في علبة كرتون مثله مثل أي...
( احتراما لشعور العام لا أذكر ماذا أرادت قوله)...
أيضا الشكر ليس موجها لطاقم ذلك المستشفى صاحب فكرة تسليم الموتى
لأهاليهم في علب الكرتون مخالفة لأبسط
القواعد الإنسانية واحترام مشاعر الآخرين ، خصوصا
إذا تعلق الأمر بقطاع الصحة و الطب ، هو
في الأساس قطاع إنساني بحت يسبق كونه علاجي...
والشكر ليس موجه بالخصوص لذلك المتحدث الذي أراد تبرير الفعل فوقع في أخطأ منه ،على قاعدة "عذر أقبح من ذنب
"، عندما قال ما
حصل شيء طبيعي يجري عادة ما بين مصالح المستشفى ...
بمعنى مستشفى عمومي يلتهم ميزانيات
ضخمة تقتطع من موارد الخزينة العمومية لا يملك وسائل حفظ و نقل الجثث سوى "
الكرتون"...
وإنما لفظ الشكر الصادر مني كان موجه لتلك العقول المخترعة للوسائل التي بفضلها
تمكن ذلك الرجل و غيره من تشييع مثل هكذا
وقائع المُشينة وإيصالها جبرا إلى
مسامع و عيون المسؤولين...
بعد أن عجزت كل الوسائل التقليدية الأخرى ، إن كانت كتابية أو شفوية ، من اختراق
المكاتب المحصنة لهؤلاء المسؤولين الذين بأيديهم تصليح و تقويم الأوضاع . ولكي لا
تبقى لديهم أي حجة بأنهم لا يعلمون بما هو جاري في كواليس القطاعات المشرفين عليها
...
إذن، لنكرر شكرنا الجماعي لأصحاب تلك العقول الذين بفضلهم اكتشفنا أن علب
الكرتون لها مآرب أخرى غير لتلك المخصصة لها أصلا ...
بلقسام حمدان
العربي الإدريسي
26.07.2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق