Dig dans Une Mémoire

Dig  dans  Une  Mémoire
Dig dans Une Mémoire

محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي)

محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي)
محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي) كاتب ، صاحب : مجموعة قلم ، ثقافة ، فكر و معرفة

آخر المقالات

16 يونيو 2018

فرعون وسحرته الجدد...



ما يحدث في قطاع غزة بكل المقاييس مشهد تمثيلي لما حصل في عهد فرعون وسحرته. مشهد سيثبت بما لا شك فيه أن الفراعنة و سحرتهم في مختلف الأزمنة و الأوقات ، في النهاية ، هم الغارقون ودائما الحق المتمثل في عصا موسى ، عليه السلام ، هي المنتصرة ...
هذا "الكيان الورقي" ، إن كان مازال لم يغرق حتى الآن فقط لأن مياه البحر مازالت لم تتجمع بعد والقائمين على تجميع هذه المياه ليصبح مخزونها كافيا لإغراق ،مازالوا غير جادين في ذلك...
لأن الأنظمة التي تعاقبت على هذا الوطن المترامي الحدود المسمى اختصارا الوطن "العربي - الإسلامي"، كانت و مازالت تنظر لهذه القضية بأنها "وجع رأس" . مع ذلك كانت تستخدم هذا "الوجع" كمسكن تدغدغ به مشاعر شعوبها كلما دعت الحاجة لذلك ...
قلت "كانت" ، لأن الآن جل هذه الأنظمة ، على الأقل، حزمت أمرها بشكل علني،بطريقة أو بأخرى، و تُريد بأي ثمن التخلص بشكل نهائي من هذا "الوجع الرأس"...
هذه الشعوب كانت في الماضي تسمع من أنظمتها شعارات تحرير كل شبر من فلسطين ليتقهقر هذا الشعار إلى مرتبة "دولة بحدود " 67 وعاصمتها "القدس الشرقية" ، وصولا الآن إلى مرتبة بما يسمى "صفقة القرن" ...
صحيح ، تفاصيل هذه الصفقة مازالت غير معلن عنها بشكل واضح ، لكن مؤشراتها المسربة تُشير أن قضية فلسطين تصبح من الماضي المفقود. بعد ما كنا نسمع حدود 67 ، سنصبح نسمع دولة بحدود قطاع غزة "عاصمتها أبوديس"...
حتى هذا الحل لن يطبق وسيحدث له كما حدث تماما بما يُعرف باتفاقية أوسلو، وهي طريقة منهجية يتعبها الكيان الصهيوني لتصفية بشكل نهائي وجذري القضية ويُصبح لا وجود لها إلا في أضغاث أحلام الشعوب ...
لكن بما أن دائما السحر ينقلب على الساحر ، فان الكيان الصهيوني يحصل له تماما كما حصل لفرعون الأصلي وسحرته الذي استعان بهم لمواجهة موسى ، عليه السلام ...
وكانت نتيجة المواجهة أن خر سحرة فرعون ساجدين معلنين إيمانهم. ليتبعهم فرعون نفسه غريقا في مياه البحر ليبقى بدنه سليما ، آية لورثته وسحرتهم الذين يأتون من بعده...
قلت ، ما هو حاصل في قطاع غزة إلا مشهدا تمثيليا لما حصل في مشهد فرعون الأصلي و سحرته، إن اختلفت الأشكال مع توحد المضامين ...
تجسيدا لقوله عز وجل : {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} . وأسلوب سحرة فرعون الأول هو نفس أسلوب سحرة اليوم ، الذين يريدون إيهام الآخرين بعكس الحقيقة...
والحقيقة أن فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية و الغربية ، أرض محتلة والكيان الصهيوني محتل مغتصب لحقوق الغير ...
نفس الشيء كما فعل فرعون عندما استعان بسحرته لإيهام الناظرين أنه هو الأقوى و أن سحرته يستطيعون تحويل عصي و حبال إلى حيات ( جمع حية) و ثعابين تسعى ، قبل أن تلقفهم عصى موس، عليه السلام ، واحدة تلو الأخرى وتبين الحقيقة ...
فرعون الذي تجبر و اغتصب حقوق الغير ظلما وطغيانا و إيهامهم بأنه هو ربهم الأعلى الذي يُحي ويميت لم يستطيع إنقاذ نفسه من الموت غرقا ...
قلت ، اختلاف في الشكل والتطابق في المضمون ، وما هو حاصل في قطاع غزة الحصن الأخير في المواجهة بين عصى الحق وثعابين المُزيفة إلا تجسيدا لما جرى في الماضي البعيد...
وما تلك الطرق الابتكارية ( ابتكار) للمقاومة ، آخرها تلك الطائرات الورقية التي كان مفعولها ألتأثيري على معنويات العدو أكثر بكثير من مفعول أساطيل الجوية التي تمتلكها مخازن الجيوش العربية و الإسلامية ...
وتلك "الطائرات الورقية" أثبت زيف ادعاءات الاحتلال ، تماما كما أثبتت عصى موسى زيف ادعاءات سحرة فرعون قبل أن تؤكد مياه البحر زيف ادعاءات فرعون نفسه...
وهذا دليل على صحة المُقاربة بين المشهدين . وبما أن هناك تطابق في المشهد بالتأكيد يكون هناك تطابق في المصير...



بلقسام حمدان العربي الإدريسي
15.06.2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق