Dig dans Une Mémoire

Dig  dans  Une  Mémoire
Dig dans Une Mémoire

محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي)

محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي)
محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي) كاتب ، صاحب : مجموعة قلم ، ثقافة ، فكر و معرفة

آخر المقالات

30 يوليو 2016

"أنتظر حتى يرحل اللي يعرفوننا"

رجلا سأله ابنه يوما لما يصبحا (الأب و ابنه)، هما أيضا "قيادا" ( ثلاثة نقط على حرف القاف ، جمع قايد ، بالدارجة "كايد" )...
 وهو لقب كالألقاب الأخرى (باشا ، أغا...) ، كانت تمنحهم قوات الاحتلال لفئة من أهل البلد تختارهم بعناية ليكونون همزة وصل مع أهل البلد ويدها الضاربة لهم...
و اختيار قوات الاحتلال لم يكون أبدا  على الكفاءة و حسن الخلق و إنما على الولاء المطلق لها و لأوامرها لذلك جل هؤلاء يعلون في الأرض استعلاء  ويوزعون على أهل البلد و بالوكالة عن قوات الاحتلال البطش و الاحتقار و الظلم. المهم ، ليس هذا هو الموضوع...
قلت ، طلب الابن من والده أن يصبحا "قيادا" ، رد عليه والده "أنتظر يا بني حتى يرحل على الأقل من اللي يعرفوننا"...
بمعنى ، كيف لهما أن يصبحا بتلك المكانة الاجتماعية و أهل البلد كلهم يعرفونهما كيف كانت حالتهما بالأمس المنظور و هما على حواشي الطرقات و على أطراف الأسواق وأياديهم ممدودة للآخرين طلبا للصدقة لكسر شوكة جوع بطونهما  و لسترة أجسادهما الشبه عارية...
بمعنى أوضح ، أن هذه القصة نموذج صالح في الزمان و المكان من الذين يكونون في حالة الأب و ابنه ثم يفتح الله عليهم بابا من أبواب نعمته و قبل أن يرحل من كانوا يعرفونهم يتحول هؤلاء ،  ليس لمرتبات "القياد" ، و إنما إلى أعلى من "باشاوات" قصور الباب العالي...
فتجدهم يستكبرون حتى من كانوا بالأمس القريب يتلقون منهم العطف و الشفقة المادية و المعنوية، فيصبح يركبون السيارات الفخمة بعدما كانوا لا يجدون حتى ثمن تذكرة النقل الجماعي المزدحم و يمرون على أولياء نعمتهم في الطرقات أو في مواقف الحافلات و  كأنهم لا يعرفونهم...
وأصبحوا يلبسون الثياب الفخمة لم تكون تلبسها حتى السلطانة هيام في ذروة مكانتها.  يقومون الأفراح و لا يوجهون حتى دعوة الحضور لهؤلاء الذين كانوا يتألمون لحالتهم الاجتماعية المزرية، لأن هؤلاء بنظرهم أصبحوا أقل مرتبة منهم...
وبما أن الله يعطي الرزق لعباده لاختبارهم و ليس تفضيلا عن عباده الآخرين ودائما الكفر بالنعم نهايته البؤس و الشقاء ، هؤلاء قد يعودون إلى حالتهم الأولى ربما قبل أن يرحل من كان يعرفهم...





بلقسام حمدان العربي الإدريسي
30.07.2016  
   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق