Dig dans Une Mémoire

Dig  dans  Une  Mémoire
Dig dans Une Mémoire

محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي)

محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي)
محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي) كاتب ، صاحب : مجموعة قلم ، ثقافة ، فكر و معرفة

آخر المقالات

10 ديسمبر 2014

الأحجار بدل الإنسان...



إذا زرت بلدا فلا تبهرك مبانيه الشاهقة وأشكالها الهندسية المختلفة، وعليك أولا معرفة قيمة الإنسان في ذاك البلد. إذا كانت قيمته توازي علو تلك المباني فأطمأن أن ذلك البلد لن يزول باندثار أحجاره...
والأحجار تندثر إما بعوامل طبيعية أو بأيادي الإنسان نفسه ، الذي هو (الإنسان)، "معول بناء و تشييد" ، ويمكن أن يكون في نفس الوقت "معول هدم" ، إذا لم يهتم و يعتنى به ...
وقد شدني يوما مشهدا يمكن من خلاله تقييم قيمة الإنسان عندما يكون في صفة "معول بناء" و عندما يصبح "معول هدم" . بعد زلزال قوي ضرب المنطقة التي أسكن فيها مخلفة أضرار بشرية وهدما للمباني...
المشهد الذي شدني ، بنايتين متجاورتين متقابلتين لا تفصلهما إلا بضع أمتار ربما أربعة أو خمسة أمتار ، واحدة منهما بناءها قديم، ربما يوازي أو يفوق قرنيين من الزمن عرته العوامل الطبيعية التي مرت عليه طيلة هذه المدة من بنائه ، رغم ذلك صمد في وجه ذلك الزلزال بشموخ...
أما البناية الأخرى حديثة البناء ، لا تتجاوز بضع سنين قليلة ، انهارت تماما وبشكل مروع . رغم أن المواد المستعملة من خرسانة وحديد و اسمنت ودراسة للتربة ومهندسين ومكاتب دراسات ، الخ... الذين اشرفوا على الانجاز لم يشفع لتلك البناية البقاء عكس جارتها التي بنيت في عصر لم تكون موجودة تلك التقنيات و الوسائل التي استفادت منها البناية المنهارة...
وإذا حللنا هذا المشهد ، نصل إلى النتيجة أن كلتا البنايتين أنجزهما الإنسان، لكن الإنسان الذي أنجز البناية الأولى غير الإنسان الذي أنجز البناية المنهارة ، الأول "معول بناء" و الثاني "معول هدم"...
وإذا أخذنا أمثلة أخرى ، الأرض الفلاحية تكون تنتج ذهبا أخضرا بأيادي إنسان و تصبح تنتج هشيما اصفرا بأيادي إنسان آخر ، رغم أن الأرض و تربتها لم يطرأ عليها أي تغيير . وإذا توسعنا في الأمثلة ، قد لا تكفي أوراق المطابع وأقلام المكتبات العالم كلها لسردها جميعا ...
والدولة أو الأمة التي تهتم بالأحجار قبل الإنسان يكون مصيرها الزوال بزوال أحجارها . والعكس صحيح ، الدول يمكن أن تزول أحجارها لكن بفضل الإنسان يمكن إعادة بناء ما تهدم وربما أعلى و اشهق من البنيان الأول. ولنا أمثلة على ذلك ...
ألمانيا ، مثلا . تهدمت أحجارها ، أبان الحرب الكبرى الثانية و لم يبقى حجرا ملتصقا بحجر ورغم ذلك وبفضل الإنسان تمكنت من إعادة بناء ما تهدم وأكثر...
وكان من الممكن أن يكون أحسن من ذلك بكثير لولا الشروط المجحفة في حقها أثناء عملية الاستسلام والتهجير و السطو على عقولها شرقا و غربا...
وكل البلدان التي هي في مؤخرة الركب السبب الرئيسي و الجوهري يعود لعدم الاهتمام بالمورد البشري لديها . بل أكثر من ذلك ترى فيه "نغمة" و ليس "نعمة". وتعطي تلك الدول مبررات فشلها للانفجار السكاني لديها وتصبح ترى في ذلك الانفجار أفواه تبلع وبطون تخزن فقط...
صحيح ، كل فرد يولد له فم وبطن ، ولكن له أيضا يدين تعمل وتنتج فوقهما عقلا يفكر . ولنا خير مثال ، الصين انفجارها السكاني حولته إلى النعمة لأنها استغلت الأيادي و العقول ولم تهتم بالبطون...








بلقسام حمدان العربي الإدريسي
10.12.2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق