المال ، الذي يجعله الكثير من
الناس غاية وليس وسيلة لقضاء حاجتهم الدنيوية. ويصبح
المال و بريقه غايتهم الوحيدة تبرر لهم أي وسيلة مهما كانت للوصول إلى تلك الغاية،
ليكتشفوا في نهاية الأمر أن تلك الغاية ثمنها سعادتهم النفسية و هم في لحظات
الفراق...
هذه القصة من الواقع التي سمعتها ،
وقائعها ليست بعيدة في الزمان حدثت لثري دخل عالم الثراء من نوافذه بدل
أبوابه...
ولإعطاء فكرة عن هذا الثري ، فانه
كان يستأجر طائرات خاصة في تنقلاته ، وعندما بدا يحس بالمرض أصبح يستأجر طائرات
طبية خاصة تنقله إلى مصحات طبية ما وراء المحيطات (قلت ما وراء المحيطات و ليس ما
وراء البحار) ، تلك المصحات لا يدخلها حتى بعض زعماء دول...
وعندما أشتد به المرض ولم تفلح تلك
الأموال الطائلة التي أنفقها لرفع عنه ذلك الضر العضال ، نادي يوما على
أولاده وطلب منهم بإلحاح إحضار له شخصا أعطى لهم اسمه و أوصافه…
بالفعل فتشوا عن الرجل المطلوب
و اخبروه أن والدهم المريض يريد أن يراه . لبى الرجل الطلب و حضر إلى الشخص
المذكور و هو يحتضر...
كل واحد منهما عرف الآخر، فقال
المحتضر : يا فلان ، أنا ظلمتك يوما و أخذت حقك ظلما و بهتانا... ، وأكمل الشخص
الآخر الحديث وقال له المقطع الأخير الذي
أراد المحتضر عدم ذكره ، قائلا له :...وقلت لي أن عدت مرة أخرى تطالبني بحقك
،سأقطع رقبتك ...
بكى المحتضر بكاء شديدا وتوسل
لصديقه القديم أن يصفح عنه مقابل أن يرد له حقه كاملا. نظر إليه الشخص نظرة الفراق
، وهو كان يدرك أنها ستكون الأخير في الحياة المادية ، قائلا له : لا، لن
أسامحك ولا أحتاج الآن لذلك الحق ، وإنما أدخره إلى يوم الغد وأنصرف...
أشتد بكاء الرجل المريض وطلب من
أبنائه إحضار كل الأموال الموجودة في البيت طالبا منهم بعثرتها أمامه و نظر إلى
تلك الأموال النقدية و الغير نقدية نظرة احتقار ، ثم بصق في اتجاهها ، ناطقا
بعبارة " أتفوه ... أيها المال الحقير". كانت صحوة ضمير لكنها جاءت
متأخرة و متأخرة كثيرا. بعد أيام قليلة فارق الرجل الحياة. ..
بلقسام حمدان العربي الإدريسي
25.02.2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق