كنت ماشيا في أرض الله الواسعة وبشخص يسرع نحوي ويأخذني بالأحضان .
وعندما لم يلاحظ أي تجاوبا من طرفي مع تلك حرارة اللقاء الحاصلة من
جانبه ، ابتعد قليلا وردد إحدى المقاطع الذي كان يعرف إنني أحبها كثيرا :
"اتاريك نسيتني مع الايام..." ، "ليدغدع" بها مشاعري
وعواطفي ...
عندما شعر فعلا بعدم وجود أي تجاوب مني ، قال لي :ألا تعرفني يا
رجل ... أجابته : لا أتذكر إني رايتك من قبل حتى في أحلامي المزعجة ، فسألني بعجب : ألست أنت فلان ، فأجابته ، لقد
غيرت اسمي و لا أتذكر اسمي السابق...
فرد متهكما ، مازحا : إذن ذاكرتك أصبتها الشيخوخة قبل الأوان يا رجل،
قلت هذا صحيح ، لقد أصبت يا رجل ، ولهذا السبب قمت بعملية تجديد لها
(الذاكرة) بمسح كل ما هو سيء و مزعج و"قذر"...
لذلك ، أمهلني بعض الوقت لأفتش في سلة "القاذورات" ،
عفوا "سلة المهملات" مصححا له ذلك ، ربما سأجد ما يذكرني بك يا
رجل...
يبدو ، أنه فهم الرسالة مكتوبة بالشفرة التي يفهمها و يتقنها جيدا عندما
كان كبير الرؤوس "المتزلفة" التي عاثت فسادا في مستقبل
الناس وآمالهم و أحلامهم...
انصرف متمتما بكلمات لم اسمعها و لم أحاول سماعها . ربما كان يتمم في
تلك القصيدة و مقطعها : " حـ اصبر على طول على احزاني " .
وربما من الأجدر أن يضيف لها : " و حـ اذوق على طول مرارة افعالي"
...
كان ذلك رأس كبير "المتزلفين" سابقا، قبل أن يطاح به .وما كان
أن يحضنني بتلك الحرارة لو كان رأسه مازال لم "يُقطف" وطبخه في
ليلة من ليالي المظلمة ...
كما قُطفت من قبله رؤوس
"البرامكة" في إحدى ليالي بغداد الحالكة . ورأس إبراهيم باشا الذي قطف
بحبال السلطان سليمان في قصور الباب العلي....
بلقسام حمدان العربي الإدريسي
22.12.2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق