Dig dans Une Mémoire

Dig  dans  Une  Mémoire
Dig dans Une Mémoire

محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي)

محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي)
محمد بلقسام (حمدان العربي الإدريسي) كاتب ، صاحب : مجموعة قلم ، ثقافة ، فكر و معرفة

آخر المقالات

12 سبتمبر 2018

شعب " ما يعرفش يغسل يديه" !...


مر علي شريط فيديو من خلال فضاء التواصل الاجتماعي ، لنقاش كان يدور حول وباء الكوليرا الذي ضرب البلاد مؤخرا...
موضوع الحوار أو النقاش كان حول أسباب ظهور هذا الداء،  رغم أن الزمن عفا عنه لأنه كان مرتبطا أصلا بالنظافة . وهذا الميدان ، أي النظافة ، أصبح  من بديهيات الأمور لدى الإنسان ، جسدا و محيطا... 
قلت نقاش كان بحضور  سيدة ، لا أعرف مهنتها لكن حسب مناداة منشط الحصة لها "بالدكتورة"، يظهر أنها تنتمي إلى الميدان الطبي ، بمعنى طبيبة...
المهم ، السيدة المذكورة كانت تعطي في شرحا عن أسباب ظهور هذا المرض وكيف يتم التغلب عليه. من إحدى الأسباب التي أعطتها  هذه السيدة المتحدثة  و الذي شد  انتباهي و استفزني فعلا حينما قالت  في مجرى حديثها :  شعب "ما يعرفش يغسل يديه"...
بمعنى أوضح ، ما أرادت قوله هذه السيدة ، كيف يُمكن لا يظهر مرض مثل الكوليرا و "الشعب لا يعرف غسل يديه"...
لكن المتحدثة عندما طلب منها   منشط الحصة تفسير للناس الذين يتابعون هذا النقاش معنى كلامها "شعب ما يعرفش يغسل يديه" ، أرادت الالتفاف بقولها أنها تقصد كيف لشخص يسكن الأحياء القصديرية و الذي  لا يملك حنفية يُمكن له تنظيف يديه جيدا ...
في الحقيقة ، كما ذكرت آنفا، استفزني هذا الكلام ورأيت فيه ، بقصد أو غير قصد ، استفزاز لمشاعر الآخرين . وقمت بالمشاركة في النقاش الذي دار حول هذا الفيديو. بحيث قلت فيما معناه أن  السيدة المتحدثة جانبت الصواب في حديثها مرتين ...
 مرة ، عندما قالت أن الشعب "ما يعرفش يغسل يديه" ، مذكرا  إياها أن هذا الشعب التي تتحدث عنه هو شعب مسلم و أصل الشخص المسلم هي النظافة ، وهو يغسل يديه خمسة مرات مضروبة في ثلاثة يوميا، بمعنى 15 مرة، هذا فقط لأداء الصلاة...
المرة الأخرى ، عندما حاولت تصحيح المرة الأولى ،  قائلة تعني بكلامها عدم توفر الحنفيات للساكنين الأحياء العشوائية ( bidonvilles ) ...
  المتحدثة ربما لا تعرفه  أن الشعب الجزائري بأغلبيته الساحقة ( ما عدا طبقة قليلة محظوظة ) أبان الاحتلال الفرنسي ، كان  يسكن في  أحياء عشوائية تفتقد لأبسط الشروط الصحية و لم تكون هناك حنفيات . المحظوظين  من كان بقربهم حنفيات جماعية و من أجل الحصول على دلو من الماء على الشخص استيقاظ فجرا...
ومع ذلك كانوا هؤلاء  من أنظف الناس.  وأتذكر و أنا كنت أدرس في مدارس معلميها كلهم فرنسيين، أتحصل دائما على جوائز أنظف تلميذ في القسم . متفوقا على أولاد من كانت لهم حظوة لدى الاحتلال الفرنسي والذين كانوا يملكون حنفيات ومياه باردة و ساخنة...
رغم تلك الوضعية  ،  لم يُسمع في ذلك الوقت عن  لا  بوباء الكوليرا و لا ما شابه . كما يحصل الآن في وقت تطور كمي و  نوعي في وسائل النظافة...
أكثر من ذلك جدتي ، رحمها ، كانت تسكن في قمة جبل للوصول إليها لا بد الاستعانة بكاسحة ثلوج ، ولم تعرف في حياتها  حتى  معنى "حنفية" .  رغم ذلك كانت أنظف امرأة ، إن لم تكون هي النظافة نفسها...  
بمعنى، العيب ليس في وجود الحنفيات من عدمها . و أيضا ليس كل الشعب "ما يعرفش يغسل يديه".  وبما أن الأيادي هي حلقة الوصل بين المحيط الإنسان و معدته ،مخزن كل الأمراض و الآفات ، عدم الاعتناء بنظافتها (الأيادي) ،  يترتب عنها أمور تمس السلامة الصحية لكامل المجتمع، كما هو الحال مع وباء الكوليرا الذي يتنقل عن طريق العدوى... 
 غير إني ، من حيث المضمون ،  متفهم المتحدثة أن هناك أشخاص لا يهتمون كثيرا  بالتنظيف الجيد لأيديهم بالخصوص  أثناء تناولهم  الغذاء ،سهوا أو تهاونا ، لكن ليس "مايعرفوش غسل أياديهم" . لأن ذلك يعني إقصاءهم  من التصنيف البشري. لكن من حيث الشكل  ليس بذلك  الأسلوب الاستعلائي  المستفز ...  
المهم ، بعد مشاركتي وأعطيت رأي في الموضوع ، انهالت علي تعليقات من قراء ، الكثير منها بل أغلبيتها  مؤيدة  للمتحدثة وبعضها يسخر من مشاركتي بعبارات تنم عن مستوى متدني لقواعد الاحترام و الحوار  .  كأني أنا من وجهت لهم تلك الاهانة المميتة  ...
 وبالتالي تأكدت من خلال هذه الردود ،   أن هذا الشعب فعلا  له "قابلية الاهانة". والعيب فعلا موجود فيه. لأن في مجتمعات تحترم نفسها فعلا و قولا  لا يمكن لأي طرف مهما كان أن يخاطبها  بتلك المفردات الاحتقارية (احتقار)  و الاستعلائية   المشطوبة من  قواميس الاحترام والتوقير المفروض أن تكون بين طبقات المجتمع ...




بلقسام حمدان العربي الإدريسي
12.09.2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق