في الحقيقة تأملت كثيرا في دلالة خبر فوز ناشط في حزب من الأحزاب لدولة عظمى تقود العالم، بالانتخابات التمهيدية لحزبه في ولاية من ولايات البلد المذكور ...
وهذا الفائز ، الذي قد يقوده فوزه ربما مستقبلا إلى سلطة القرار في ذلك البلد ، هو المالك بشكل رسمي لسلسلة "البيوت الدعارة ". و هو الأوفر حظا في دائرته عندما يواجه المترشح للحزب المنافس...
أكثر من ذلك عبر الفائز عن سروره بعدم ارتباطه بحزبه الذي يضم سياسيين "سيضرون بسمعته" ، على حسب تعبيره و الذي لم يتلقى الدعم منه ، أي من حزبه ، لكنه تلقاه من ناخبيه. بمعنى يتوفر على شعبية كبيرة لا تستحق الدعم ...
والفائز الذي يعتبر سمعته أعلى من سمعة باقي أعضاء الحزب الذي ينتمي إليه ، هو مؤلف كتاب " فن العمل في القوادة"...
قلت ، تأملت كثيرا في دلالة و معنى هذا الفوز وشدتني ذاكرتي مباشرة إلى الآية الكريمة، حيث يقول فيها الله ، عز وجل ، " وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا " ...
قبل أن تُحيلوني ذاكرتي إلى ملخص قول شاعر ، "الأمم تزول بزوال أخلاقها" . وليس هناك أمة عبر التاريخ بقت بعد ذهاب أخلاقها ..
إذا حللنا مفاهيم الفسق و الأخلاق ، نجدهما قطبين متنافرين لا يمكنها الالتقاء لا في المعنى و لا في المضمون ..
بحيث الأول ، أي الفسق، معناه الخروج عن القواعد الأساسية التي تُنظم استمرارية و ديمومة المجتمعات. بالمفهوم المباشر ، اختلال الركيزة الأساسية التي ترتكز عليها استمرارية الحياة البشرية ...
و"الدعارة" تعتبر نواة الفسق التي تنسف نسفا أسس تناسق المجتمعي و يتحول من خلالها من مجتمع بشري إلى قطيع بهيمي يأكل و يشرب وينكح ...
لأن العلاقة الجنسية خارج نظمها الشرعية و القانونية تصبح مثلها مثل الخلايا السرطانية التي تتكاثر بدون انتظام تهلك و تقضي على حياة الجسم كما تفعل تماما رذيلة الزنا ...
وهذا ما يريده بالضبط الفُساق الجدد ورثة الذين ساروا على هذا الدرب قبل أن يحق عليهم القول ودُمروا تدميرا...
أما الأخلاق فهو الدرع الواقي الذي يحمي البشرية ويميز الإنسان عن غيره من الكائنات الغير البشرية أو البهيمية ، كما هو مذكور آنفا، التي تتقاسم معه الحياة على هذا الكوكب...
بلقسام حمدان العربي الإدريسي
19.06.2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق