أكثر ما يؤرقني وبصراحة مطلقة يرعبني و يخيفني كلام الناس. والناس
هنا تلك الفئة المتخرجة من معاهد عليا في اختصاصات الإحصاء و عد عيوب الناس الظاهر
منها وحتى المخفي يستطيعون معرفتها و التسلي بها ونشرها في إذاعتهم
"الرصيفية " (من الرصيف) ...
و تصبح تلك العيوب عناوين لصفحات جرائدهم الصفراء اللون
بروائح أعراض الناس و سمعتهم ينهشون نهشا في أعراض وتلذذ في نشر عيوب
الآخرين . حالهم حال الجَمَلُ الساخر ، رغم أنه على ظهوره نفس العروة الذي يحملها الساخر منه...
وكلما تذكرت ذلك،أتذكر تلك قصة التراثية الصالحة
لكل زمان مكان . القصة ، رجلا و ابنه كانا مسافران ومعهما حمارهما. الولد
على ظهره والأب ماشيا يجرُ في الحمار...
وفي الطريق مرا على جماعة من الناس جالسة على رصيف الطريق (من
الفئة التي نتكلم عنها) ، فبدأوا في الهمز و اللمز معلقين بسخرية على المشهد
كيف لشابا راكبا ووالده الشيخ يمشي...
فنزل الولد و ركب الشيخ ،مرا على جماعة أخرى ، نفس المشهد معلقين كيف لطفل
يافعا يمشي و والده راكبا...
فركبا الاثنين،الوالد و ابنه ، مرا على جماعة أخرى نفس
المشهد ، ضاربين كف على كف مستغربين كيف لحمار يتحمل اثنين معتبرين ذلك قسوة و عدم
الرحمة و الشفقة على الحيوان...
نزل الاثنين يمشيان و يجران في حمارهما ، مرا على جماعة أخرى ، معلقين كيف للأشخاص
يملكون حمار و لا يركبونه...
فحملا حمارهما على ظهرهما وعند مرورهما على جماعة أخرى
علقوا على المشهد بقهقهات عالية معتبرين ذلك من غرائب و عجائب
الأمور وكيف للأشخاص يحملون حمارهم بدل من ركوبه ، معتبرين "ركوب
الدواب على أصحابها"، علامة من
"علامات غروب الساعة" . أو بمفهوم العصر المشهد يستحق المرتبة الأولى
في "موسوعة غينيس" ...
بلقسام
حمدان العربي الإدريسي
06.05.2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق