أحد الأشخاص التقيت به عرضا في إحدى المصالح الإدارية و أحنا منتظران دورنا لقضاء حاجاتنا ، تجاذبنا أطراف الحديث، فيما يخص نظافة المحيط و بالخصوص شوارعنا ، ( ويعني به شوارع العالم العربي و الإسلامي بصفة عامة)، هذه الشوارع أصبحت لا فرق بينها و بين "سلة المهملات" ( تجنبا لتعبير آخر)...
قص علي ذلك المتحدث
قصة لصديق له كان ماشيا في إحدى الشوارع الأوروبية عندما رمى علبة سجائره الفارغة
على قارعة الشارع ...
فجأة وبصبي لا يتعدى
سنه عدد أصابع اليد الواحدة ، أو على أكثر تقدير زائد أصبع واحد من اليد الأخرى ،
كان بصحبة والدته يمشيان في الجهة الأخرى من الشارع ، وإذ بذلك الصبي ينزع بقوة
يده من أيادي أمه ، كأنه مسه شيء غير عادي...
راكضا نحو تلك
العلبة واضعا إياها في السلة المخصصة لكذا أمور . وعاد بعد ذلك إلى أمه ماسكا مرة
أخري يدها مواصلان سيرهما وبدون أن يهمس ولو بكلمة واحدة ، كما يقول المتحدث ، كأن
شيئا لم يكون...
لقد كان "درسا
قاسيا " و "اهانة قاتلة" لن تُنسى ابد ، وبقت عالقة في أذهان ذلك
الشخص ، يكررها في كل فرصة معتبرها إياها "كفا " من صبي صغير...
لقد قارنت بين هذه
القصة و ما يحدث في شوارعنا وكيف الكل ، كبيرا و صغيرا ، لا يجد حرجا في رمي كل ما
هو الغير صالح على الطرقات و حواشي الطرقات ، حتى النسوة لا يجدن حرجا في نزع
"حفاظات" أبنائهن الرضع المبللة و رميها في الشوارع ...
و لا تستثنى من ذلك
حتى الأشياء التي يمكن أن تسبب أضرارا خطيرة للمارة ، مثل "قشور"
الفواكه و الخضروات ، والأخطر منهم جميعا "قشور" الموز ...
وعلى المرء التخيل
النتيجة "الكارثية" إذا مرت عليها ( القشور) امرأة حاملا أو شيخا كفيفا
أو قليل النظر ،وحتى أي شخص مهما كان لا ينتبه لتلك "الألغام" التي
ستنفجر تحت قدميه ...
كقصة شخصا وزوجته
الحامل في الشهور الأخيرة والتي انزلقت على "قشور" وفضلات الفواكه و
الخضروات على إحدى الطرقات ...
رغم أن تلك السيدة
تم نجدتها في الوقت المناسب و إنقاذ الجنين، لكنه، و للأسف، ولد مشوها عقليا و
جسديا من قوة صدمة السقوط ...
تمنيت لو أن ذلك
الصبي " الإفرنجي" يمشي في شوارعنا ليعطينا تلك "الدروس
القاتلة" ، لتقتل فينا تلك العادة السيئة لا يُعرف من أين وكيف اُكتسبت ونحن
من المفروض أنظف أمة ، عقلا ، بدنا و محيطا . وكان من المفروض أيضا أننا نحن من
نعطي للآخرين مثل هذه "الدروس القاتلة"...
بلقسام حمدان العربي الإدريسي
30.11.2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق