أغلى شيء عند الإنسان هي كرامته . يمكن للإنسان أن
يكون فقيرا ومع ذلك محترم وقد يكون غنيا فاقد الكرامة لا يحترمه أحد . وينطبق ذلك
على الإنسان كفرد أو كمجتمع...
تذكرت كل ذلك وأنا استمع إلى أحد الأشخاص التقيت به مصادفة وأثناء الحديث سألني هل زرت معرض
السيارات الأخير ، أجبته بالنفي معلقا على سؤاله
: "أنا لم أزور معرض الكتاب كيف لي أزور معرض السيارات" ، رد علي مبتسما
" أحسنت ما فعلت" ...
ثم تابع حديثه قائلا : " لقد وقعت مشاجرات عنيفة بين
بعض زوار المعرض من أجل شراء بعض السيارات الفخمة المعروضة لأول مرة للإشهار".
مضيفا بتهكم : " ثمن السيارة ما بين مليار و اثنين مليار بالعملة المحلية"...
وإذا أردنا تبسيط الرقم قد يكون المبلغ المذكور
مرتب شهري لأستاذ أو موظف في سلم وظيفي محترم لعشرات السنين على أقل تقدير...
لكن ليس هذا المهم ، قد يكونوا هؤلاء اكتسبوا تلك
الأموال من خلال جهدهم وعرقهم أو من خلال طرق شرعية أخرى والله يرزق عباده بغير
حساب و من حيث لا يحتسبون . لكن المهم كيف لشخص يملك تلك الكمية من المال
ويتشاجر للحصول على سيارة ...
أصحاب تلك السيارات هم الذين عليهم التشاجر فيما بينهم لبيع
سيارتهم بتلك المبالغ الخيالية وأصحاب تلك الأموال من المفروض المكوث في بيوتهم وبإشارة
هاتفية منه تأتيه تلك السيارة وصاحبها إلى حيث هو مع كل إجراءات البيع وفوق
كل ذلك "انحناءة وابتسامة عريضة "...
لأن بيع تلك السيارات في بلدانها الأصلية وبتلك الأسعار
استثناء و ليست قاعدة . ربما حتى المهندس الذي صممها وأخرجها للوجود لا
يستطيع اقتناءها بهذه السهولة...
وفي موضوع سابق تم التطرق للعلاقة الكارثية عندما يتم "التزاوج" بين الجهل و المال أو عندما يتم
الحصول على المال "مجانا" ، بمعنى بأي مجهود فكري أو عضلي
فيتم تبذيره بدون وجه حق ...
لأن المال
قيمة مادية حسن استثماره يرجع بفوائد على مالكه بصفة خاصة و على المجتمع
بصفة عامة والعكس أيضا صحيح...
كالذي باع منزله ليشتري
سيارة جديدة وفي اليوم التالي "دخل بها تحت شاحنة نصف مقطورة" ، فذهبت
السيارة إلى الخردة ومن قبلها البيت ليعطوه المحسنين كرسي متحرك وبناء له بيت
من الصفيح في أحد الأحياء العشوائية...
وهنا تكمن القيمة
الحقيقة للكرامة ، لأن لو كان لهذا الشخص كرامة لما فكر مجرد تفكير في بيع
بيته لاقتناء سيارة...
والكرامة تعتبر الحاجز الطبيعي الواقي من
الانزلاق، تماما مثل الجهاز المناعي الذي يحمي الجسم من الأمراض والسموم والخلايا
السرطانية...
بلقسام حمدان العربي الإدريسي
08.04.2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق