معركة الخزانة المُذلة...

الكل ، بدون أدنى  شك ، يعرفون العداوة التي كانت موجودة بين القطط والفئران . في الحقيقة ، لا يُعرف ، على الأقل بالنسبة إلي ، تاريخ وسبب هذه العداوة الشرسة و من هو البادئ في العداوة...

لكن إذا حللنا منطقيا السبب نجد أن هذه  العداوة  تدخل في إطار النزاع الأزلي بين الخير و الشر أو بين ما هو ضار  وما هو  نافع ...

 وإذا شخصنا طرفي النزاع  ، نجد أن فصيل الفئران هو طرف الظالم ممثلا لطرف المعتدي المؤذي  لكل شيء يقع في طريقه وهو  موجود على قائمة المطلوبين أحياء أو أموات  ومحكومين  عليهم  بالإعدام دون الاستفادة من أي ظروف مخففة...

عكس القطط التي لها ميزات اجتماعية تربطها روابط صداقة ومحبة بالمحيطين بها ويُمكن لها العيش بمحبة وسلام مع الكائن البشري الضحية  الرئيسي لأضرار هذا الجنس الضار ألا وهي القوارض ...

 ربما يكون العامل العداوة المشترك بين الإنسان والقطط في مواجهة خطر هذا الجنس الضار  هو  تحالف  ضمني الذي  أوصل  لهذه الصداقة بين الطرفين ( الإنسان و القطط) ...

قلت آنفا "العداوة التي كانت موجودة" ، بمعنى أن هذه كانت في الماضي والمتتبع لتطورات العلاقة بين القطط و الفئران ،  يُلاحظ أن هذه العداوة زالت من الوجود...

 لا يُعرف إن هي إلا هدنة مؤقتة أم معاهدة سلام دائمة أم القطط هي من تخلت واستسلمت للأمر الواقع ورأت في هذه المواجهة استنزاف لا مبرر له  ...

الذي يعزز هذه الفرضية الأخيرة ، أن والدي حكى لي قصة وقعت له عندما اكتشف أن فأرا يعبث داخل خزانته ، استنجد في الحال بقط كان يربيه أقحمه في الخزانة مقفلا بابها وبقى ينتظر في نتيجة المواجهة...  

بعد برهة فتح باب الخزانة ، ظنا منه أن المنازلة انتهت وأن الفأر أصبح من الماضي ، لكن الذي حصل أن القط  فر بمجرد فتح باب الخزانة  مذعورا من الفأر الذي كان في موقف تحدي هجومي. قال لي والدي من ذلك الحين فهمت و اقتنعت أن العداوة  الطويلة والمريرة بين الطرفين انتهت...

 لكن السؤال الذي يبقى مطروحا ما هي خلفيات تخلي القطط عن مبدأها  الذي أكدته "معركة الخزانة"، في التصدي لعدو تاريخي مؤذي ...

 وهل القطط ستراجع مستقبلا موقفها من هذا الاستسلام لعدوها تاريخي أم الانسحاب المذل من الخزانة هو آخر مواجهة بين الطرفين، لننتظر و نرى...

بلقسام حمدان العربي الإدريسي

01.06.2018