في الحقيقة كلما
علمت أن هناك اختراع تكنولوجي جديد في طريقه ليكون في متناول الفرد العربي ، ينتابني
الخوف والرهبة وأقول بيني وبين نفسي ها هي
مصيبة جديدة حلت ...
المصيبة ليست في
الاختراع التكنولوجي في الحقيقة نعمة ، لكن المصيبة الأيادي التي ستستعمل ذلك
الاختراع .قلت الأيادي ولم أقول العقل ، لأن من يخترع ويُصنع هو العقل وللمحافظة
على الاختراع والاستعمال العقلاني له هو أيضا
العقل ...
وعندما يغيب العقل
في الاستعمال يصبح المردود عكسي ويصبح ذلك الاختراع نقمة وليس نعمة . وإذا أخذنا،على سبيل المثال ، المركبات هي نعمة توصل إليها العقل البشري لكن عندما وقعت هذه النعمة في أيادي بلا عقل أنظر ماذا أصبحت
، لقد حولت طرقتنا إلى ساحات حروب حقيقية لا فرق بينها وبين الدبابات والرشاشات والمدافع
بمختلف أنواعها ...
بل تلك المعدات
القتالية أصبحت أرحم من مركبات تقودها أجسام بلا عقول ، لأن عدد ضحايا ساحات
القتال أصبح أقل بكثير من عدد الضحايا
الذين يسقطون في الطرقات...
والمصيبة تعمقت
عندما أضيف إليها الهاتف النقال ، ذلك
الاختراع العظيم الذي سهل للناس أمورهم بشكل لم يكون حتى في مخيلتهم . لكن بوقوعه
هو أيضا قي أيادي بلا عقول تحول الاختراع إلى "ثنائي القتل" ...
وأصبحت قيادة المركبات لا تتم إلا بيد واحدة لأن
اليد الأخرى منشغلة بالهاتف النقال والاتصالات التي لا تنتهي إلا عندما تقع
الكارثة ويكون المتكلم إما في المقبرة أو في المستشفى بصحبة أبرياء لا ذنب لهم سوى
أنهم ضحية لتكنولوجيا وقعت في أيادي خطأ...
أتذكر هؤلاء
الأبرياء وذكرى ثامنة على الأبواب لذلك الحادث الأليم الذي أدى بحياة أربعة عائلات
بالتمام و الكامل ، سببه جاهل تملك مالا ليمتلك مركبة ليحولها إلى وسيلة قتل مع
سبق الإصرار و الترصد...
قلت مع سبق الإصرار
و الترصد ، لأن كيف تصنيف سائق يقود بضعف السرعة المسموح بها و يتجاوز في
المنعرجات على اليمين ليفاجأ بشاحنة معطلة على حاشية الطريق وليس هناك أي مجال للمناورة
لتفادي الاصطدام المريع. ولحكمة الله نجا من الحادث سوى السائق المذكور حتى بدون أي ضرر جسماني ليريه الله شر عمله...
لكن ، كما قلت آنفا
، هذا النوع من الناس ليس لهم ضمائر و عقول يميزون بها بين الضار و الغير ضار .رغم فداحة الحدث كان
يُمكن المرء أن يفقد من خلاله عقله ، إلا أن هذا السائق امتلك مرة أخرى مركبة آخر
طراز وهو الآن يقودها مرتاح البال في انتظار أن يسبب كارثة أخرى لا يُعرف نوعيتها
وحجم كارثتها سوى الله...
قلت ما نوع
المصيبة القادمة ؟ راودني هذا السؤال وأنا أتابع في اختراع جديد هو في مرحلة التجربة في دول معينة ، ألا وهي المركبات آلية السير ، بمعنى لا تحتاج لسائق . لكن
قلت بيني وبين نفسي ربما يكون هذا هو الحل لأن تلك المركبة التي تقود نفسها تكون
أعقل وأرشد من مركبات تقودها أيادي بلا عقول...
بلقسام حمدان
العربي الإدريسي
26.05.2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق