السلطان سليمان القانوني أو الفاتح ، السلطان
العاشر للإمبراطورية العثمانية ، قد يكون قال يوما لوزيره الأول أو صدره
الأعظم وصهره وأقرب شخص إليه ، " أنت طماع ، يا إبراهيم" ...
بدون أن يذكر لقب "الباشا" ، لتذكيره
بوضعه بدون ألقاب التي أغدقها عليه رافعا إياه من مجرد ابن صياد مجهول في جدول و
قاموس التاريخ إلى أعظم رجل بعد السلطان في إمبراطورية مترامية الحدود و المياه
...
نفس العبارة قد يكون قالها أيضا الخليفة العباسي ،
هارون الرشيد ، "للبرامكة" في بغداد. وقد يكون قالها آخرون قبل و
سيبقى يقولونها آخرين حتى يوم انتهاء الوجود المادي...
قلت الوجود المادي ، لأن الطمع صفة مادية ، من أخوات
الحسد و البخل ...، تلتصق بالإنسان وهذه الصفات المشينة هي مواد
يدرسها أستاذ مختص هو "الشيطان"...
أول درس قدمه لسيدنا ادم ، عليه السلام ، هي
مادة الطمع و نجح فيه(الدرس) نجاح باهر ، كلف سيدنا ادم ومن
بعده البشرية جمعاء ، ثمنا باهظا . سيدنا ادم كرمه لله ،عز و جل، و اسكنه
الجنة لا يشقى و لا يحزن فيها...
وبسبب الطمع وجد نفسه مطرودا من النعيم ولولا تداركه
السريع وتواضعه الله معترفا بخطيئته معتذرا وطالبا الصفح لكان مصيره والتالي
مصيرنا جميعا نفس مصير "الشيطان" ...
بسبب غروره و
تكبره أقصى ما حصل عليه (لشيطان)، من الله
، عز و جل ، إمهاله إلى يوم الدين ليحشره هو و تلامذته في قاع
السعير...
يكون نفس الشيء ، أي الطمع ، من
أوصل إبراهيم باشا إلى حبل المشنقة ونفسه من أوصل "آل برمك"
إلى نهايتهم التعيسة...
صحيح، هناك عوامل أخرى ساعدت في لف الحبل حول رقبة
"الباشا" في اسطنبول و"البرامكة" في بغداد ، من دسائس
الحريم و أشباه الرجال الفاقدين الرجولة الذين يشاركون "نسوة الحرملك"
في الدسائس وتنفيذ المؤامرات...
لكن الصحيح أيضا نزعة شهية و شهوة الطمع تزداد مع
الإنسان " الطماع"، كلما ازداد تسلقه في السلم الحياة
والرغبة الجامحة لدى الإنسان الطماع في البحث عن المزيد من السلطة و المال بدون
الالتزام بمقياس الأخلاق . رغم الجري وراء المكاسب ليست خطيئة ولكن الخطيئة تكمن
في طريقة الجري...
رغم أن هناك من يحاول الدفاع عن الطمع ويعطيه تفسيرات
و لا يدافع عن الطمع إلا "الطماع" ، لأن الطمع رديف لآفة السرقة . إذا
كان السارق يأخذ ما ليس به حق خلسة ، الطماع يفعل نفس شيء جهرا و إذلالا ...
وبالمختصر المفيد ، للطمع عدة أوجه وصفات ،
كمثال كهلا أصبح في وضعية مثله مثل أشباه الرجال في
"الحرملك"، المشار إليهم آنفا، يطمع في الزواج من فتاة بينهما بحور في
السن وفي الغريزة ، ليصبح عرضه يباع و يشترى على هوامش الألسنة وغمزا على
أطراف رموش العيون...
و لو أرادنا جمع كل الأمثلة على موضوع الطمع و
"الطماعين" ، لكان علينا الاستعانة بأقلام مدادها مياه البحار من وراءها
مددا من المحيطات وبجوارها مخزون الأنهار...
بلقسام حمدان العربي الإدريسي
2016 . 01. 30
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق